«يعكس الفن، وخصوصاً المسرح حالة المجتمع الذي ينمو في كنفه، فكيف لو كان ذاك الكنف العالم العربي المتأجج بنيران الثورات والتقلبات؟» هكذا أشار المسرحي روجيه عساف خلال المؤتمر الذي سبق إطلاق أسبوع «منصة للمسرح العربي اليوم» إلى أهم مراحل تطور المسرح العربي التي كانت مرتبطة بتحوّلات تاريخية مفصلية، خصوصاً حين كان الشعب هو المحرك الأول، مثلما شهدت الخمسينيات نهضة ثقافية في مصر، وسوريا، والعراق وفلسطين.
أما في لبنان، وخلال الحرب الأهلية، فقد شهدنا بروز مسرح زياد الرحباني، و«الحكواتي»... كما الأمس، كذلك اليوم. أكّد عساف أننا نعيش في حقبة ثورات لم نشهد مثيلاً لها قبلاً، حيث الشعوب تلعب البطولة المطلقة في التغيير السياسي والثقافي على السواء. من هنا، أتت الحاجة إلى خلق «منصة» تجمع مسرحيين، وتشكيليين، ومفكرين عرباً من تونس، ومصر، وسوريا، والعراق، ولبنان لتقديم الأعمال الفنية، وللتلاقي مع الجمهور وفي ما بينهم. يؤكد عساف أنّ خيار الأعمال الفنية أخذ في الاعتبار محاولة توفير أعمال من بلدان مختلفة، خصوصاً تلك التي أحدثت الثورات، رغم أنهم لم يتمكنوا من التواصل مع طرف بحرينيّ للمشاركة في المهرجان. أما الأعمال المعروضة فليست بالضرورة مرتبطة بشكل مباشر بالثورات بل إنّ مجرد إنتاجها ضمن تلك المرحلة الزمنية، يعدّ كافياً ليعكس هموم الشباب العربي وتطلعاته. من هنا، خُصص الحدث للشباب العربي دون المسرحيين المخضرمين من البلاد العربية.
ليلة الافتتاح اليوم سورية بامتياز، عمل على تحضيرها الفنانون السوريون الذين غادروا بلادهم ويقيمون حالياً في لبنان. في مسرح «دوار الشمس»، يفتتح اليوم معرض المصور الفوتوغرافي السوري زياد حمصي ويستمر حتى 30 تشرين الأول (أكتوبر). أما عند الساعة السادسة، فينطلق «يوم للثورة السورية» وهي محاولة لنقل أوجه جديدة للانتفاضة المجهضة لا تتداولها وسائل الإعلام بهدف خلق حالة من التفاعل عبر النصوص والصور بين المشاهد والمبدع. يتخلل الحدث أيضاً قراءات من نصوص لعروة المقداد وإخراج رأفت الزاقوت، وتمثيل أمل عمران (راجع المقال أدناه). وفي الثامنة والنصف مساء، توجّه تحية إلى المسرحي الراحل فرانسوا أبو سالم من خلال عرض عمله الأخير «في ظل الشهيد» (راجع المقال في مكان آخر من الصفحة). علماً أنّ بطل العرض وسيم خير اعتُقل منذ أيام في القدس على ايدي قوات الاحتلال، ولم يتأكّد بعد مما إذا كان العرض سيقام في موعده.
على مدى أيام «منصة» الخمسة، تتوزع البرمجة والعروض التي تولى اختيارها روجيه عساف (دوار الشمس) وبول مطر (مونو)، بين مسارح «دوار الشمس»، و«مونو»، و«زيكو هاوس»، و«مونتاني». من لبنان، ولمن لم يتسن له مشاهدة «خيط حرير» لفرقة «زقاق»، فليحجز مكاناً في رحلة بين طوابق «زيكو هاوس» (١٩و٢٠/١٠). رحلة في عالم القصص الشعبية المستقاة من التاريخ الشفوي للقرى اللبنانية. وفي «مونو»، تقدم كريستيل خضر عرضها الجديد «بيروت سيبيا» (١٦و١٧/١٠)، لتشاركنا شعورها بالهزيمة حين تمشي في شوارع بيروت. خضر التي شاهدناها أخيراً في عرض «٢٠٠٧، أو كيف بعتّك بمكتوب»، تطور أسلوبها المونودرامي في مقاربة تفاصيل شخصية من حياتها وعلاقتها مع المدينة، ناجحةً في نقل همومها إلى الجمهور مطعمةً دوماً بعطر الكوميديا. والآن، نحن ننتظر ما لديها لتخبرنا عن مدينة بيروت التي تخلفت عن الثورة. أما «ديسيبيل» (فرقة الصم والبكم) مع المخرج عصام بوخالد فتقدّم عرضاً تحت عنوان «افتراضيات» (17/10 ـــ دوار الشمس) عن رؤيتها إلى الربيع العربي.
من مصر، تحضر عروض مسرحية مرتبطة بحاضر الثورة المستمرة، مثل «حكاوي التحرير» (١٩/١٠ ـ دوار الشمس) لسندس شبايك، و«قنابل مسيلة للدموع» (18/١٠ ــ مونو) لأحمد سمير. كما تقدم شيرين الأنصاري عرض حكايا بعنوان «هدى ليل ونهار» (١٨/١٠ ــ مونو) يستعرض قصصاً ومواقف من الحياة اليومية ما بعد الثورة وسكّان وسط البلد. كذلك من مصر، لكن قبل الثورة هذه المرة نشاهد عرضاً راقصاً لمحمد حبيب يحمل عنوان «صدى صوت» (١٦/١٠ ـ مونو). أما من بلد البوعزيزي، فتغوص مريم بوسالمي في «مرض زهيمر» ((١٧/١٠ ـــ دوار الشمس) في الديكتاتور وتركيبته (راجع المقال أدناه). ومن الأرض الغارقة في أوجاع المخاض حتى اليوم، من «قلب الحدث» (١٩/١٠ ـــ مونو)، يخبرنا مهند هادي عن الخيار الأوحد: العيش بالمصادفة في زمن الموت المجاني في بغداد. في موازاة العروض المسرحية، توجه «منصة» تحية إلى أحد أبرز الأسماء في المسرح الفلسطيني. إنّه فرانسوا أبو سالم مؤسس «مسرح الحكواتي» (1984) الذي أسهم في انطلاقة جديدة للحركة المسرحية الفلسطينية. تحية تتمثّل في معرض يقيمه عامر خليل في «مونو». أما المفاجأة السارة في «دوار الشمس» (١٧/١٠)، فتكمن في إصدار وتوقيع كتابين لعملاقي المسرح اللبناني: «الفلاح العظيم» ليعقوب الشدراوي، و«تحت رعاية زكور» لريمون جبارة. النصّ الأول كتبه الشدراوي عن طانيوس شاهين الذي قاد الثورة الفلاحية في لبنان القرن التاسع عشر. أما «تحت رعاية زكور»، فيصفها روجيه عساف لـ«الأخبار» بـ«إحدى أعظم المسرحيات التي قدمِّت في السبعينيات، فيها العبثية والسخرية والنقد».
تختتم فعاليات «منصة» بندوة في «المعهد الفرنسي في لبنان» (٢٠/١٠) تجمع بعض المثقفين من عرب وأجانب، مع المسرحيين المشاركين للمناقشة، والتحليل، والتقييم. هل تنجح «منصة» المسرح العربي اليوم في التواصل مع نبض الشارع، لتعكس همومه، وتحفز على طرح الأسئلة الملحة في قلب كل تغيير؟ من المؤكد أنّ الفنانين والمثقفين أمام دور أساسي ليلعبوه في مهبّ عواصف الثورات التي لا تخلو من تضييق على الحرية الفكرية والثقافية، فهل يجرؤون على تخطي المحظورات؟ وهل تنجح «منصة» في التواصل مع جمهور أوسع من رواد المسرح اللبناني؟



«منصة للمسرح العربي اليوم»: بدءاً من اليوم حتى 20 ت1/ أكتوبر ـــ مسارح «دوار الشمس» (01/381290)، «مونو» (01/421875)، «مونتاني» (01/420234)، «زيكو هاوس» (01/750442) ـــ تواريخ العرض خاضعة للتعديل



ربيع «افتراضي»؟

بعدما قدّم «عالم بلا صوت» الذي أقام عملية دمج اجتماعي بين الممثلين الذين هم من الصمّ والبكم، وبين الأناس العاديين الذين يشكّلون جزءاً من المجتمع الذي ينظر إلى هؤلاء بدونية، ها هو الكاتب والمخرج اللبناني عصام بو خالد يخوض المغامرة مع رفاقه مجدداً من خلال «افتراضيات» الذي يعكس رؤيتهم إلى «الربيع العربي». (17 ت1 ــ س:18:30 ــ دوار الشمس)



بيروت الذكريات

بعدما صفّت الرجال الذين هجروها أو هجرتهم في «2007، أو كيف بعتّك بمكتوب»، تبحث كريستيل خضر في «بيروت سيبيا» عن «الجنة المفقودة» في المدينة التي تغيّرت بفعل الحرب، محاولة تخيّل ذكريات قد تساعدها في إنقاذ حبّها لها. العمل هو مونودراما من كتابة وتمثيل الفنانة اللبنانية الشابة وإخراج فرح نعمة. (16-17 ت1/أكتوبر ـ س: 19:00 ـــ مونو)





«مونولوجات» الثورة

انطلاقاًَ من مشاركتها في «ثورة 25 يناير»، توثّق سندس شبايك (26 عاماً) لحظات مرّت بها في «حكاوي التحرير» من القنابل المسيلة للدموع، والرصاص المطاطي، واللجان الشعبية، وطبعاً البلطجية. اشتهرت خريجة الإعلام بكتابة وأداء وإخراج «بصّي»، وهي نسخة مصرية من عمل إيف إنسلر المسرحي الأشهر «مونولوجات المهبل». (19 ت1/ أكتوبر ــ س: 19:00 ــــ دوار الشمس).







«قنابل» الديكتاتورية

تدور أحداث «قنابل مسيلة للحرية» حول ثلاثي محتجز في منزل محاصر من قوات الأمن، أحدهم بلطجي والآخر ثوري ومعهما سيدة. يحاول عرض المخرج المصري أحمد سمير تقديم فلسفة الحكم العسكري الشمولي عبر التاريخ حاملاً إسقاطات على مصر اليوم. العمل تمثيل عصام عمر، ومحمد بريقة وعبير علي. (18 ت1/ أكتوبر ــ س: 20:30 ــــ مونو).







لولا مصادفة العيش

يحاول الممثل والمسرحي مهند هادي أن يعكس في أعماله «صوت المواطن البسيط في العراق». يعرّف تجربته بأنها «محاولة نحو التجريب» ويقدّم لنا ضمن «منصة» عرضه الجديد «قلب الحدث». إنّها مأساة المواطن الذي يعيش بالمصادفة في بغداد حيث الموت المجاني والحياة الانسانية بأبخس الاثمان. العمل من تمثيل ألاء نجم، سمر قحطان وفلاح إبراهيم. (19 ت1/ أكتوبر ـــ س: 20:30 ـــــ مونو)







في متاهات اللاوعي

من الميثولوجيا والخرافات والأساطير والقصص المعاصرة، نهلت مايا زبيب ورفاقها مادة «خيط حرير». الفرقة الشابة تغوص في موروثاتنا الثقافية الدفينة في عرضها «خيط حرير» بغية فضح المستور ضمن قالب مسرح موقعي. العمل من كتابة وأداء مايا زبيب، دانيا حمود، لميا و عمر أبي عازار، جنيد سري الدين وهاشم عدنان. (19 ت1/ أكتوبر/ س: 22:00ــــ 20 ت1/ س: 20:30 ـــ زيكو هاوس).