لم يكن سيف الدين السبيعي يعلم أنه حين سينتقد الدراما اللبنانية، سيكون كمن يلعن المقدسات، لم يكن يعرف أن هناك طابوراً من الإعلاميين اللبنانيين مستعدٌ للاصطياد في الماء العكر وتفريغ جرعات مفرطة من عنصريته القديمة والمزمنة تجاه السوريين لمجرد أن يتلفظ مخرج سوري برأيه النقدي تجاه دراما يتحمل نتاجها البائس أقسى أنواع النقد.
خلال لقاء صحافي أجراه صاحب «عن الخوف والعزلة» مع مجلة «الشبكة»، انتقد السبيعي الدراما اللبنانية قائلاً: «عندما أتيت للعمل كمخرج في لبنان، اعتقدت أنني سأجد دراما تحاكي الواقع. لكنني فوجئت بأعمال سطحية عائمة تتكلم فقط عن قصة حب أو عن صعوبة الارتباط» بسبب اختلاف الدين بين الحبيبين. ثم تساءل صاحب «طالع الفضة» عن سبب ابتعاد الدراما عن قصص الاختلاف السياسي في المنزل الواحد الذي يجمع تيارات مختلفة، إذ تجد منزلاً يحوي أخاً ينتمي إلى التيار العوني والثاني إلى «القوات»، لافتاً إلى جرأة البرامج الفنية اللبنانية وتجاوزها بأشواط السقف الذي وصلت إليه الدراما.
هكذا، مهد الحديث السابق لجعل صاحب «تعب المشوار» صيداً ثميناً لصحافي لبناني كتب على صفحته على فايسبوك، مهاجماً المخرج السوري الذي «تطاول على دراما يعتاش منها حالياً وأهان المجتمع الدرامي اللبناني». وسرعان ما تحولت صفحة الصحافي إلى منبر لمنتجين لبنانيين شنّوا هجوماً حاداً على صاحب «الحصرم الشامي» واعتبروا أن «الوقت حان للنيل من المخرج السوري المتواضع» على حد تعبيرهم، و«قد بصق في الصحن الذي أكل منه». كذلك، تواصل مسلسل الهجوم على السبيعي على أحد المواقع اللبنانية كأنّ الأمر يتعلّق بالأمن القومي. خطيئة السبيعي أنّه قدّم نظرته النقدية إلى الدراما اللبنانية التي كلّنا يعلم ما تعانيه من تغرّب وتصنّع وجفاء مع الواقع. المخرج السوري ردّ على كل ذلك من خلال اتصال مع «الأخبار»، قائلاً: «أستغرب شخصنة الموضوع بهذه الطريقة. هذا رأي نقدي يقدّمه مخرج ترك بصمة وهو يساهم في صناعة دراما لبنانية وقد قلت رأياً فيها، وهذا ليس سراً، بل أمر يعرفه القاصي والداني، ونحن نطرحه دائماً في جلساتنا. وقد سبق لي أن انتقدت الدراما السورية وأعمالاً أخرجتها بنفسي على مبدأ أنّ تقييم الذات يعتبر الطريق إلى حل أي مشكلة وإلى التقدّم والتطوّر. ثم أستغرب هذه الهجمة في بلد الحريات ضد شخص قدم رأياً مهنياً بحتاً».
من جانب آخر، يفصح سيف الدين السبعي عن وجود خلاف شخصي بين الصحافي الذي هاجمه والمنتج مروان حداد «مروى غروب» («الأخبار» 9/10/2012) و«هو ما دفعه فعلياً إلى شن هذه الحرب التي لا داعي لها، فوجهة نظري تحتمل الصواب والخطأ، والرد لا يكون في الهجوم الشخصي».
إذاً يتعرض المخرج السوري لهجمة جائرة تأخذ على عاتقها التغني بالدراما اللبنانية التي تحصد الفشل تلو الآخر من دون أن يتمكن أيُّ من المنتقدين الحريصين على دراما بلادهم من تذكيرنا باسم مسلسل لبناني واحد لامس همّ وواقع المواطن بشكل حقيقي ثم حصد متابعة عربية أو مواكبة نقدية عميقة!