هذه الأيام، تحدث في لبنان أشياء غريبة حقاً يعجز المرء عن تفسيرها. في اليوم الخامس من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، مُنعتُ من دخول بيروت وجرى حجزي لمدة 22 ساعة لسبب غريب عجيب هو عدم حصولي على تصريح عمل! حسناً، إذا كنت مسافراً عابراً، فلماذا يتحتم علي الحصول على تصريح عمل؟ والأدهى من ذلك لماذا يتم حجزي في غرفة صغيرة في المطار ومنعي من استخدام التلفون؟ هل أنا متهم بجريمة؟ لم يقدم العاملون في أمن المطار أي توضيح عن الموضوع مع أنّي عرفتهم بنفسي كشاعر ومثقف وصحافي عراقي، وفوق ذلك أحمل الجنسية الهولندية.
لكن يبدو أنّ رجال أمن المطار لا يخضعون لأي رقابة وإلا فكيف يمكن أن تحدث «هذه الأخطاء الشنيعة كل يوم» كما يقول أحد الحراس من دون أن تجد من يعالجها ويصححها بسرعة كي لا تسيء إلى لبنان وشعبه؟.
يبدو أنّ العراقيين مستهدفون أيضاً في لبنان مع أنّهم ملتزمون بكل الشروط التي تضعها المطارات في كل مكان وهذه ظاهرة تستحق الدراسة. العراقيون المتواجدون على الأراضي اللبنانية إمّا من التجار أو من المرضى الذين جاؤوا للعلاج في المستشفيات اللبنانية، فلماذا يحدث هذا معهم ولا يحدث مع غيرهم من المسافرين؟
قيل لي إنّ الأمر سيتكرر معي في طريق العودة من هولندا إلى لبنان وسيتم حجزي في هذه الغرفة الصغيرة حالي حال أي مجرم أيضاً حتى يجئ موعد الطائرة العراقية التي ستقلني إلى بغداد وعليّ أن أجد شخصاً في لبنان يقوم برفع البلاغ الموجود في مطار رفيق الحريري! هل هناك منطق في هذا؟ طيب ماذا سيقول المحامي لمديرية الأمن عن السبب الذي تم بموجبه منعي من دخول البلد وحجزي وأنا مسافر عابر فقط ولم أخالف أي شروط للإقامة؟
مَن المسؤول عن هذه الأخطاء إن كنّا نعدها أخطاء وليس إجراءات تعسفية هدفها منع العراقيين من دخول لبنان؟ أقل ما يقال عن ذلك إنّه الإساءة إلى حق من حقوق الإنسان وإهانة لكرامته، فضلاً عن الأضرار النفسية والمادية التي تلحق بالمسافر جراء هذه الإجراءات التي تفتقر إلى اللياقة وتتجاوز القانون.
إنّ الجهات المسؤولة عن هذه الإجراءات مطالبة بالإجابة عن هذه الخروقات التي تسيء إلى لبنان وزواره وتقدم صورة مختلفة وقبيحة عن لبنان كبلد واللبنانيين كشعب طيب ومضياف ويتمتع بدرجة عالية من اللياقة والاحترام. إذا كان هذا يحدث مع مثقف عربي معروف، فماذا يحدث مع المسافرين العابرين؟