بعد الحملة الإعلانية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، التي انتشرت لوحاتها في أنفاق مدينة نيويورك منذ منتصف شهر تموز (يوليو) الماضي («الأخبار» ١٨/7/ ٢٠١٢)، سارع إسرائيليو الولايات المتحدة الى شنّ حملة مضادة. منذ أول من أمس، رفعت في أنفاق بعض محطّات نيويورك لوحات إعلانية تقول: «في أي حرب بين الإنسان المتحضّر والمتوحش، ادعموا المتحضّر. ادعموا إسرائيل، اهزموا الجهاد». وزيّنت اللوحات بنجمتي داوود باللون الأزرق.
مطلق الحملة مؤسسة أميركية موالية لإسرائيل تدعى «مبادرة الدفاع عن الحريات الأميركية». ووفق إعلانها، تفرز المؤسسة الناس وفق مبدأ صهيوني عنصري بحت، بين موالين لإسرائيل «متحضّرين» والآخرين أي «المتوحشين».
واللافت أن هيئة النقل الحكومية في نيويورك رفضت في البدء إعطاء رخصة تسمح بنشر الإعلانات الإسرائيلية في المدينة لأنها «تستخدم لغة مهينة لمجموعة من البشر وتخالف أحد المبادئ الأساسية لإعطاء الرخص الإعلانية». لكن المؤسسة الأميركية ـــ الإسرائيلية الراعية للإعلان نجحت في الحصول على حكم من أحد قضاة مانهاتن أبطل بموجبه الشرط الرسمي للهيئة الرسمية. وهنا تجدر الإشارة الى أن الحملة الإعلانية السابقة الموالية للقضية الفلسطينية لم تتضمن أي إساءة لفظية مبتذلة للإسرائيليين، بل بيّنت بالخرائط الدقيقة كيف يقضم الاحتلال الأراضي الفلسطينية.
«أيدينا مقيّدة» صرّح المتحدث باسم هيئة النقل آرون دونوفان، الذي شرح أن الهيئة «تلقّت إنذاراً قضائياً يحظر تطبيق القاعدة التي تقضي بمنع نشر الإعلانات المهينة». أما مطلقو الحملة فعدّوا ذلك «انتصاراً» وقالوا «إعلاننا لا يتضمّن أي كراهية أو خطأ»، مشيرين الى أن تلك الملصقات ستبقى في الشوارع وعلى الباصات وفي الأنفاق على مدى شهر.
يذكر أنّ «مبادرة الدفاع عن الحريات الأميركية» اكتسبت شهرة واسعة في نيويورك بعدما قادت الحملة الرافضة لبناء مركز للمسلمين في مبنى قرب موقع برجي التجارة العالمية. مرّة جديدة، تنصاع القرارات و«المبادئ» الأميركية للضغوط الإسرائيلية. وها هي جدران مدينة نيويورك تخيّر سكّانها بين «الحضارة» و«الوحشية» وفق المعايير الصهيونية.