القاهرة | فجأة، لم يعد عادل إمام «خطراً» بالنسبة إلى الإخوان، ولم يعد متهماً بازدراء الدين الإسلامي في أفلامه. «الدنيا ربيع والجو بديع»، هذا ما يوحي به اللقاء الذي جمع أخيراً النجم المصري بمرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع بحضور كل من محمود عبد العزيز، ويسرا، ونبيلة عبيد وعفاف شعيب، والحوار الودي الذي دار بين «الزعيم» ووكيل مجلس الشعب المنحل أشرف ثابت (عضو حزب «النور» السلفي) على هامش الاحتفال الذي أقامه منذ أيام السفير السعودي أحمد عبد العزيز قطان في القاهرة لمناسبة العيد الوطني للمملكة.
التقى الممثل المخضرم بمرشد الإخوان الذي ينتمي إليه المحامي عسران منصور صاحب الدعوى التي اتهم فيها إمام بازدراء الأديان. أبرزت الصورة التي انتشرت بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي الاستقبال الحار من وكيل مجلس الشعب المنحل عن حزب «النور» السلفي أشرف ثابت. ونقل الحاضرون عن مرشد الإخوان ترحيبه بعادل إمام قائلاً: «أهلاً بالنجم الكبير»، وعن نجم «طيور الظلام» ردّه بأنّ الإسلاميين ودودون في الواقع، لكنّهم يبدون قساة على الشاشة. لذا، ارتسمت علامات استفهام كثيرة، وخصوصاً أنّ الطرفين كانا قادرين على تجنب المواجهة، على اعتبار أنّ إمام كان أول ضحية لوصولهم إلى الحكم. بالتالي بدا للجميع كأنّ الكبار في مصر يخوضون معارك تهدف إلى مغازلة الشارع، بينما هم في الواقع مستعدون للتفاهم.
منذ صعود الإخوان والتيّار الديني إلى الحكم، لعبوا ورقة الفن واستخدموها لدغدغة رغبة البسطاء في «التخلص من الأعمال الفنية التي تحمل مضامين إباحية أو تزدري الأديان»، بحسب نظرتهم. فبدأت مطارادت المحامين للفنانين في المحاكم وهجوم الشيوخ على الفنانات في الفضائيات. لهذا كانت صدمة البعض كبيرة عندما التقى الرئيس محمد مرسي بوفد من الفنانين وسأل عن غياب إلهام شاهين. بعدها ظهر الشيخ عبد الله بدر لينتقد لقاء مرسي بالنجوم ويطالب بلقاء مماثل مع الدعاة ثم اختفى تماماً. لقد وصلته الرسالة على ما يبدو بعدما استُغلّ النزاع بينه وبين شاهين إعلامياً لإلهاء الرأي العام عن قضايا أهم. لكن الرئاسة لن تقبل طبعاً أن يقال إنّ مطاردة الفنانين تجري برعايتها. هكذا خرج عادل إمام من دعوى ازدراء الأديان أكثر قوّة، ثم رحّب به المرشد العام والقيادي السلفي. كيف رأي المحامي عسران منصور هذه الصورة؟ وهل يجرؤ هو وزملاؤه على تقديم دعاوى مماثلة قريباً؟ لو فعلها، فهو بذلك يدين المرشد العام وقيادات حزب «النور» الذين لم يجدوا غضاضة في تبادل الضحكات مع إمام. بل إنّ المتحدث باسم «النور» نادر بكار اتصل بنفسه بإلهام شاهين وقال لها إنّ عبد الله بدر يمثل نفسه لا الحزب. إذاً، الفن قادر على التعايش مع الإسلاميين. لكن الدرس الأهم وصل إلى الذين شجّعوا على مطاردة الفنانين والتحقير بهم كأنهم بذلك يطهّرون مصر من مرض خبيث. لقد وصلتهم الرسالة من قياداتهم نفسها التي أكّدت في احتفال السفارة أول من أمس عمق تقديرها لعادل إمام.