إلى قلب «سوليدير» النابض اصطناعياً، لنا زيارة سنوية لتغطية المؤتمر الصحافي الخاص بـ«مهرجان بيروت للجاز». في الشكل، لا تزال الأمور على حالها: مندوبو وسائل الإعلام يتناولون الفطور الأجنبي، مقابل طاولة القائمين على التظاهرة الفنية. في المضمون، «حقّق» المهرجان تراجعاً مضافاً إلى تراجعه السنة الماضية. تراجعٌ لم يجد له انعكاساً في الكلمات التي ألقِيَت خلال المؤتمر، الذي أقيم أمس في ساحة العجمي في أسواق بيروت. التشديد على «برنامج مميَّز هذه السنة» و«مهرجان ذو مستوى عالمي» وغيرها من العبارات أوحى لنا بأننا في صدد تظاهرة جاز في مستوى مهرجاني «مونترو» أو «مونتريال».
السنة الماضية، كان المهرجان أفضل حالاً من اليوم. وفي عام 2010، كان أهم بكثير من الدورة المرتقبة.
مع ذلك، لا اعتراف شفافاً بذلك، إلى درجة الاعتقاد بعدم إدراك المنظّمين للفوارق بين برنامج وآخر، لا سمح الله!
في البداية، قدّمت مديرة العلاقات العامة والإعلام في «سوليدير» رندة الأرمنازي الدورة الخامسة من «مهرجان بيروت الجاز»، شاكرةً رعاية وزارة السياحة اللبنانية ووسائل الإعلام والجهات الداعمة. وفي ختام المؤتمر، شرح جان كاسبيان البرنامج باختصار، وأعطى لمحة عامة عن الفنانين المشاركين. القاسم المشترك بين الكلمتين هو المبالغة. هذا طبيعي من جهة المنظمين، لكنّ المؤسف أن معظم الأقلام قد تنقل هذا الكلام، فتكرّسه لدى الجمهور بمبالغاته ومغالطاته. ما اعتبرناه طبيعياً بالنسبة إلى «شركة» تطبِّق سياسة التسويق في ظل نظام رأسمالي (أي المبالغة في التقديم لسلعة ما)، أضيف إليه جهل ممثلة المديرة العامة لوزارة السياحة، مديرة الإنماء في الوزارة، منى فارس. أتحفتنا السيدة فارس بلفظها الخاطئ... فلن تصدقوا أنّ الأمر يتعلّق بعبارة «جاز»! صحيح أنّه لا يجوز انتقاد اللفظ غير الصحيح لأي كلمة أجنبية، لكن ليس عندما يرتكبه «راعي إنمائه الحصري».
ماذا لدينا السنة؟ وأين التراجع؟ يُفتتَح المهرجان بـ«المدار» (27 الجاري)، وهو خماسي بقيادة اللبناني المقيم في أميركا بسام سابا، منبثقٌ عن أوركسترا New York Arabic Orchestra. الملاحظة هنا لا تطال المستوى الموسيقي، بل النمط الهجين الذي يصرّ المنظمون على إقحامه في البرنامج، بحجة استضافة اسم محلّي أو إقليمي في كل دورة (ربيع أبو خليل، عابد عزرية وغيرهما). هكذا، أتى تراجع مستوى المهرجان في الجانب الأجنبي منه. الجاز الذي يعطي اسمه لمهرجان عاصمة عربية عريقة بالفنون، يتمثّل في اسم وحيد هو عازف الترومبت الكوبي المذهل، أرتورو ساندوفال (28/9) زميل الأساطير الراحلة، وليس الشيخ الجليل ديزي غيلسبي إلا واحداً منهم. في السنتين الأخيرتين، اعتدنا حضور اسمين كبيرين أو أكثر، من الجديرين بلقب «رجل جاز»، أو الخبراء بالأنماط المتاخمة للجاز. غير أن الأمسية الثالثة والأخيرة (29/9)، حجزها مغني بوب (أو تلطيفاً بوب ــ جاز) البريطاني الشاب شارلي وينستون (1978) المقيم في فرنسا. ثمة معلومة اعتمدها المنظمون للترويج للأمسية هي أنّ أحد ألبومات وينستون باع 600 ألف نسخة. لكن، ألا يمكن أن يشكّل هذا الرقم تهمةً لصاحبه في زمن الأغنية الهابطة؟



«مهرجان بيروت الجاز»:8:30 مساء 27 و28 و29 أيلول (سبتمبر) ــــ أسواق بيروت ــ للحجز: 01/999666