إنها سنة تجديد الامتيازات المعطاة للوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة في لبنان. عام شهد أسوأ تغطية إعلامية لجهة الأحداث السورية وتأثّر لبنان بها، أو لجهة تغطية الساحة الداخلية والاشتباكات التي شهدناها أخيراً. مخالفات كثيرة أضيفت إلى رصيد القنوات اللبنانية... فهل يؤخذ ذلك في الاعتبار أم أنّ المحسوبيات الطائفية والسياسية تغلب كالعادة في معادلة التجديد؟
خلال الأشهر المقبلة، تصدر التوصية التي يجب أن يتقدم بها «المجلس الوطني للإعلام» إلى الحكومة للبتّ في قضية التجديد. في أدراج المجلس، بدأت الملفات تأخذ مكانها. التلفزيونات قدمت أوراقها غير المكتملة، ما حتّم تمديد المهلة الأساسية. شهر إضافي يوجب على المعنيين إكمال ملفاتهم. بعد التجميع وإقفال الملفات، يبدأ المجلس بتشكيل لجان خاصة لدرس كل ملف على حدة. يشرح رئيس «المجلس» عبد الهادي محفوظ أنّ «القانون يشدد على منح التراخيص أو تجديدها من دون أي حسابات طائفية أو سياسية لأنّه يشترط أن تكون الملكية الفردية للشخص الطبيعي أو المعنوي في أي قناة، لا تتجاوز 10%» وفق ما ينصّ عليه القانون.
لكن غاب عن محفوظ أنّ التوزيع الأولي لهذه الامتيازات، خصوصاً التلفزيونات أُعطي للجهات السياسية التي تمثّل الطوائف التي تنتمي إليها، ولا تزال هذه المحطات تبث على هذا الأساس، ما أسهم في تطييف الإعلام اللبناني. يستدرك محفوظ بأنّ «التراخيص أعطيت سابقاً مع مراعاة للاعتبارات السياسية والطائفية. لكن في السنوات الماضية، ألغى المجلس هذه المحسوبيات والدليل على ذلك قنوات كـ Otv و«الجديد».
خلال دراسة ملفات القنوات، سيلجأ المجلس إلى تقسيم المخالفات بين «جوهرية» و«بسيطة»، واستمرار المخالفة أو الاعتذار عنها. لا يخفي محفوظ رغبته في التجديد لجميع الوسائل الإعلامية، فهو يصر على كونه مع الحرية لكنه يتمنى على هذه المؤسسات اعتماد أساليب أخرى لجذب الجمهور، في إشارة إلى تغطية LBCI و«الجديد» لملف المخطوفين اللبنانيين الـ11 في سوريا.
على أي حال، البت في الموضوع لا يعود إلى المجلس الذي تقتصر مهمته على إجراء دراسة تقييمية لأداء وسائل الإعلام، ورفعها إلى مجلس الوزراء. ولأن الجهة المعنية هي وزارة الإعلام، فقد كان لـ«الأخبار» حديث مع الوزير وليد الداعوق الذي قال إنّ «الحكومة ستنظر في الدراسة، وسيشكّل أداء الوسائل الإعلامية الشرط الأساسي لعملية التجديد». لكنّ بعض الإعلاميين يستغربون أن تخضع المؤسسات الإعلامية لتقييم من مجلس منتهي الصلاحية منذ أكثر من عشر سنوات. لا يشغل وليد عبود باله في ملف تجديد الامتيازات. يرى الإعلامي اللبناني أنّ الموضوع لن يُفتح في ظل الوضع القائم: «من مصلحة الطرفين الأساسيين في البلد التأجيل بهدف تبيان التوازن السياسي الجديد الذي سيحكم المنطقة في المرحلة القادمة». ويتابع أنّ «المشهد الإعلامي الحالي ليس صحياً، ويُفترض وضع دفتر شروط جديدة تحاسب على أساسه الوسائل بغض النظر عن انتمائها». فيما يذهب الإعلامي طانيوس دعيبس إلى أنّ «شروطاً كثيرة يحويها قانون الإعلام المرئي والمسموع لا يتم احترامها في البث اليومي لقنواتنا ولا تقتصر المخالفات على الأسابيع الماضية».
إذاً، كالعادة ستنال الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة التجديد المطلوب من دون أي شروط فعلية لأنّ التوازنات السياسية في البلد تفرض ذلك!