بعد عودة mtv، كثرت التساؤلات حول مصير محطّة لبنانيّة أخرى هي lbc التي كانت قد شهدت تحوّلات، وباشرت انعطافة خجولة للخروج من «الغيتو» الذي ولدت فيه خلال الحرب. إلى أين تمضي المؤسسة التي لعبت منذ الثمانينيّات دوراً رائداً في تشكيل المشهد التلفزيوني، لبنانيّاً وعربيّاً؟ كان من الواضح أن تلفزيون المرّ، سيستقطب شريحة راديكاليّة من «الشارع المسيحي» الذي طالما عبّرت lbc عن مزاجه. وكانت فرصة ثمينة لبيار الضاهر، في عزّ تصفية التركة «القوّاتيّة»، كي يقلب الصفحة، ويذهب إلى الفئة الهادئة من المجتمع، بمشروع عصري من خارج إعلام الطائفة الواحدة، أو التيّار السياسي الواحد.
اليوم احتلّت mtv المكان المتوقّع، جامعة بين الخطاب الانعزالي في السياسة، والانفتاح الاستهلاكي على الطريقة الغربيّة حتّى الاستلاب، والجرأة الإيروتيكيّة السطحيّة، ناهيك بالتمايز التقني والعصريّة، وكلّها من العلامات الفارقة لـ«إل بي سي» في عصرها الذهبي. أما بيار الضاهر الذي عاش طلاقاً مع شريك ثمين هو الوليد بن طلال (دفع ثمنه عشرات الاعلاميين والتقنيين والاداريين في المحطّة)، على أمل بناء شراكات واستراتيجيّات جديدة، فما زال يبحث عن «جمهوره». والجمهور في لبنان سلعة نادرة. هناك طوائف وجماعات لكلّ منها اعلامها، واختراقها صعب، لكي لا نقول مستحيل، له أسراره وتقنيّاته. وعلى هامش الكتل الكبرى، مشاهدون «مستقلّون» يعنيهم الهمّ الوطني والاجتماعي والانساني. راهن الضاهر على نشرة أخبار اجتماعيّة، تذهب صوب بيئات جديدة. وضع نصب عينه محطّة منافسة اقتربت من «المواطن»، مستندة إلى قاعدة شعبيّة واسعة بنتها خلال «عدوان تمّوز». أراد أن «يستوحي» أسلوب «الجديد» ونفَسها النقدي. فاته أن تلك النزعة الصداميّة، صنعها شباب وصبايا من بيئات فكريّة وحساسيّات سياسيّة محددة، نموا في تربتهم الحقيقيّة، وتلقّفهم تلفزيون شاب، بدأ يساريّاً، لا يجرّ وراءه ماضياً ثقيلاً، ولا يعاني فصاماً بين طموحاته وتاريخه. أما مشاهدو lbci، فما زالوا يفضّلون «فالس مع بشير» على «Star Ac مع أبو ابراهيم»، ويخافون على مسيحيي الشرق لا على حقوق عاملات المنازل والفقراء والمثليين.
كل ذلك يفسّر ربّما «خبيصة» ملف الرهائن التي تصرّ أدما على اعتبارها انجازاً، حسب اعلان «لا شكر على واجب» الذي يذكّر بمآثر المحطّة، إلا واحدة: أنّها اعلنت موت المخطوفين وكادت ترمي البلد في الهاوية. الحصيلة؟ lbci لا تمتلك حتّى الآن آليات مخاطبة جمهور «الجديد» الذي تحلم به، فيما «الجديد» تخاطر بفقدان هذا الجمهور، لأنّها بدأت تتكلّم معه لغة لا يفهمها…