لا يقتصر حضور الجمهور في «ملتقى حكايا الخامس» على التلقي في صيغته التقليدية، إذ تغامر بعض العروض في الذهاب بعيداً في تفعيل دور المتلقي. هذا ما سيعيشه الجمهور في عرض اللبنانية الفرنسية برالين غيبارا «حكايات من القارات التسع». ستبدأ برالين عرضها بحكاية طويلة ثم ستسأل الجمهور عما يريد سماعه منها. بدوره، سيقترح الجمهور شخصية أو موضوعة أو بلد، لتقوم برالين على الفور ببناء تتمة العرض/ الحكايا وفقاً لتلك الاقتراحات، ما يعني أن كل عرض تقدمه برالين متفرد شكلاً ومضموناً لأنه يقوم أساساً على اقتراحات الجمهور.
«بدأت بممارسة هذه التقنية منذ بضع سنوات، حين أدركت أنها الطريقة الفضلى للحفاظ على ذخيرتي من الحكايا التي يفوق عددها 300 حكاية» تقول برالين لـ «الأخبار». في سياق متصل، يجد جمهور الملتقى نفسه مدعواً إلى «سوق الحكايات» ليقصّ بنفسه قصصه وحكاياه، الحقيقية أو المخترعة، على مرأى ومسمع الآخرين في جو عفوي لا يتطلب مهارات وتقنيات القصّ الاحترافية.
عناية خاصة يوليها الملتقى ــ ومن خلفه برنامج «حكايا» ـــ للتدريب وبناء القدرات. منذ دورته الأولى، حرص الملتقى على تمكين الحكائين الشباب من خلال إقامة سلسلة متنوعة من ورش العمل. الحكواتية برالين غيبارا تعود هذا العام أيضاً لتنجز ورشة عمل مكثفة مع الحكائين الشباب، وذلك على ثلاثة مستويات متداخلة بالضرورة. تبدأ هذه الورش بتزويد المتدربين بالمهارات والأدوات اللازمة لرواية القصص بوصفها عرضاً فنياً لا جزءاً من الفولكلور، مروراً بسؤال اللغة المستخدمة وكيف يمكن الحكواتي أن ينحت نصّه بطريقته الشخصية بما يسمح بتدفق الصور عبر آذان المستمعين، وانتهاءً بالتركيز على مخزون القصص والحكايا نفسه، إذ تحاول الورشة الإجابة عن أسئلة من نوع: كيف يمكننا جمع الحكايا ومن أين؟. وما هي الحكايا الأكثر ملاءمة لهذا الجمهور أو ذاك؟
يكتمل عقد الورش التدريبية هذا العام بورشة «البحث عن المهرج في داخلي» بإشراف أشوات بهات الآتي من الهند، فيما يقوم كل من روان بركات وعامر عطا بتدريب معلمين ومنشطين على إدراج القصة المسموعة في تقنيات تعليم الأطفال، علماً أنّه تشارك في الملتقى فرق وأسماء كثيرة من تونس، وفلسطين، والمغرب، ومصر، ولبنان، وفرنسا، وإيران، وألمانيا، والهند، وايرلندا، وهولندا، والنمسا... حكايا العالم وذاكرته كلّها هنا في عمان!