القاهرة | تفعل «الحرة» المستحيل لرفع نسبة مشاهدتها في مصر. بشكل عام، لا تحظى هذه المحطة بالاهتمام في الشارعين المصري والعربي بما أنّها ليست سوى الذراع الإعلامية والدعائية للحكومة الأميركية، وعلى هذا الأساس يتعامل المشاهد مع التقارير والأخبار التي تعرضها. وحده برنامج «اليوم» وهو «توك شو» يومي، يقدَّم من عواصم عربية عدة من بينها القاهرة، يتمتع بنسبة مشاهدة مقبولة. ويبدو أنّ المحطة وجدت «الحلّ السحري» الذي قد يجعلها تكسب المشاهدين الشباب، لقد قرّرت أخيراً ركوب موجة «25 يناير» وجعل الثورة سلعة مربحة! إذ أعلنت أمس عن برنامج تلفزيون واقع من دون متسابقين ولا تصويت جمهور ولا كاميرا تراقب المشتركين خلال نومهم.
إنّه تلفزيون واقع من نوع مختلف يدخل مصر للمرة الأولى من خلال «الحرة» والمنتج محمد حفظي. كلاهما اتفق على تقديم مضمون تلفزيوني مختلف يناسب البلد الذي يتغيّر كل يوم بعد سقوط مبارك حتى لو رأى المراقبون أنّ بقايا مبارك ما زالوا قادرين على الصمود في ظل حكم الاخوان المسلمين. مع شباب لا تزيد أعمارهم على 30 عاماً، ينطلق برنامج «رايحين على فين» على «الحرة» مساء السبت 8 أيلول (سبتمبر) على مدار 13 أسبوعاً. خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد أول من أمس في القاهرة، قالت فران مايرز المنتجة المنفذة للبرنامج وصاحبة الفكرة «كنت أريد رصد ما حدث في مصر بعد «يناير 2011»، لكن من زاوية مختلفة لم يتم تقديمها من قبل». وهو ما أكّده مخرج البرنامج تامر عزت، أحد ثلاثة مخرجين وقّعوا الفيلم الوثائقي الشهير «تحرير 2011». يقول عزت: «المحللون الكبار في السنّ هم فقط الذين يظهرون في البرامج التلفزيونية، ليفسّروا الثورة التي قام بها الشباب». بالتالي كان لا بد من أن تذهب الكاميرا إلى الشباب، وخصوصاً الذين ما زالوا دون الثلاثين كي تعرف طريقة تفكيرهم وأحلامهم. وأشار إلى أنّ المشروع واجه مصاعب جمّة على مدى 9 أشهر بعد اختيار خمسة شباب من كل الطبقات والأديان والثقافات. كانت المهمة تصوير هؤلاء كل يوم والدخول في كل تفاصيل حياتهم مع وجود خطوط متقاطعة يلتقون عليها بعدما تعرفوا إلى بعضهم بعضاً. وفي بعض الأحيان، كانت الكاميرا تصوِّر في السرّ كي لا تثير المشكلات مع الناس الآخرين، الذين يتعامل معهم الشباب الخمسة، مع الأخذ في الاعتبار أنّ الجميع وافق بدايةً على أن يكون التصوير في المنزل وفي العمل وليس فقط في الشارع، فيما اعتبر المنتج محمد حفظي البرنامج تأكيداً على توجّهه الفني الذي يعتمد على تقديم مضمون ترفيهي مختلف أياً كان الوسيط، إذ إنّ شركته التي تأسست بهدف التخصص فقط في الأفلام الروائية، دخلت مجال السينما الوثائقية، وها هي تتجه إلى الانتاج التلفزيوني. ورأى حفظي أنّ البرنامج سيظهر هؤلاء الشباب كما هم في الواقع: سائق تاكسي، ومخرجة مسرحية، وفتاة من حي شعبي، وطبيب، ومدير تسويق. أما هدف البرنامج كما قال القائمون عليه، فهو التأكيد على أنّ الاختلاف بين المصريين لا يعني الخلاف، كلّهم يعيشون على الأرض نفسها، كما تقول الأغنية الشهيرة «دايما مع بعض» التي حقّقت انتشاراً كبيراً في رمضان الماضي. سندس، وماريو، واسلام، وحنان، وزغبي، الأبطال الخمسة لـ «رايحين على فين» انتهوا من المهمة، وينتظرون الآن رأي الجمهور الذي سيكون مطالباً بمتابعة الجميع وتأمل حياتهم من دون أن تكون هناك حاجة إلى استخدام الهاتف الخلوي والتصويت للمشترك الأفضل. بذلك، تدشّن «الحرة» صرعة جديدة تجعل الثورة سلعة وتجارة مربحة علّها تكسب قلب المشاهد المصري.

(الأخبار)