مضى شهر رمضان وهلّ عيد الفطر وانتهى خاتماً معه الحفلات التي عمت المسارح، وخصوصاً تلك التي ما عادت تقام سوى في شهر الصوم. والملاحظ أنّه خلال رمضان، ينكفئ فنّانو البوب العربي عن الغناء، لمصلحة «الطرب الأصيل». هنا حفلة لغادة شبير، وهناك أخرى لجاهدة وهبة (تقيم غداً الأحد حفلة في «مسرح كفرسما»، مشمش عنّايا) وزياد الأحمدية من دون أن ننسى عروض الدراويش، والموشحات والقدود. أما «مترو المدينة»، ففي موقعه عند طابقين تحت الأرض، قد يكون أقرب إلى عمق المجتمع الذي ينمو في حضنه، بعيداً عن تزلف السطح. برنامجه خلال «ليالي شهر رمضان» كان مليئاً بسهراته غير الصوفية ولا «الشرقية». قدّم عروضاً لأفلام تجمعها ثيمة الغرام، وأفلام التحريك، وسهرة هندية، وسهرة لجمع الأموال دعماً للمخيمات الفلسطينية، وبازارات، وسهرات غنائية وموسيقية ومتنوعة من حيث النوع والفرق والمغنون وعروض الـ «ستاند أب كوميدي» المستمرّة فيه مع «المرشّح» لادمون حداد. هكذا بعدما غادرت تلك الجرثومة «الاستشراقية» أرض لبنان، يقدم المترو اليوم «ليلة شرقية من العمر».

السلطان جليلاتي لا حريم تحت قدميه، ولا تنضح منه رائحة ذكورية عفنة، بل سيعتلي مسرح «المترو» مع ميكرفون للغناء الشعبي، يرافقه شادي شحادة (أرغن)، وفيصل عيتاني (باص)، وناجي العريضي (إيقاع) ضمن فرقة «دم دم تاك». أما الراقصة نعيمة، فتنضم اليهم في الوقت المناسب من السهرة.
منذ انطلاقه، وعد «مترو المدينة» جمهوره بتوفير مساحة خاصة للغناء الشعبي وللرقص الشرقي، أو «البلدي»، كما يفضل تسميته من يرى في «شرقي» صفة يطلقها الغرب على ذلك النوع من الرقص. وخيار «المترو» سياسي قبل أن يكون فنياً، كي لا يصبح الرقص، الإرث الثقافي الذي أودعته كل من بديعة مصابني، وسامية جمال، وتحية كاريوكا، وفيفي عبده، ونادية جمال...، حكراً على سياقات محصورة بمرابع ليلية خاصة، أو لطبقة اجتماعية، أو لأغراض أخرى. صفة ذلك الرقص الأولى هي قدرته المذهلة على جمع الفن، بالتقنية، بالجمال، بالإثارة، بالمتعة، بموسيقى وغناء شعبي بامتياز. ليس لأنّها ليال رمضانية، ولا لنزعة استشراقية من قبل أهل الشرق، بل لأنّها إحدى ليالي الصيف. ولأنّ «مترو المدينة» ملتزم بتنويع برمجته، الليلة ستكون «ليلة شرقية من العمر».



«ليلة شرقية من العمر»: 10:00 مساء اليوم ـــ «مترو المدينة»