منذ أسبوعين، بدأت تنتشر في بيروت بوسترات بالأبيض والأسود مع عنوان «مهرجان السينما اللبنانية ـــــ الدورة العاشرة» وجاءت عبارة عن بورتريهات لمخرجين لبنانيين: غسان سلهب، جوسلين صعب، هادي زكاك، نادين لبكي، إيلي خليفة، ميريلا سلامة، شيرين أبو شقرا، رينيه عويط، جيل طرزي. فمن هو أجدر بتمثيل مهرجان للسينما اللبنانية غير صنّاعها، وخصوصاً أنّنا أمام مخرجين مستقلين بمعظمهم، وهم أيضاً يشاركون في الدورة العاشرة، أكان عبر عرض أفلامهم، أو بطاقات برمجة، أو جلسات نقاش وحوار.... هكذا نرى المخرجين في بورتريه قريب، على خلفية سوداء.
وكان الخيار باستعمال الإضاءة الخاصة بالسينما، وعدم اللجوء إلى تعديل الصور غرافيكياً، بل استعمال الصورة الأصلية التي التقطتها عدسة المصور شربل سعادة. يشرح الأخير خياره بأنّه أراد العودة إلى نوعية الصورة الأولى التي عرفتها السينما بالأبيض والأسود من دون تعديلات. بذلك، لا ينحصر البورتريه في الملصق بزمن ما، بل يصبح أزلياً. فضّل سعادة الابتعاد عن تقنيات تجميل الصورة، مختاراً البورتريه الكلاسيكي. بلا شك، استطاع أن يلتقط لحظة جميلة وعفوية وثاقبة لكلّ مخرج، فنجح في جذب المارة في الشارع.
هكذا، أضحى خيار تسويق المهرجان عبر بورتريهات فوتوغرافية مداخلة فنية على جدران المدينة تبتعد عن الخيارات السابقة «السياحية/ الترفيهية» التي جمعت الطربوش (التركي) بالفشار. علماً أن الملصق الخاص بنادين لبكي (تصوير جو كسرواني) أتى غير متناغم مع باقي البورتريهات من حيث الإضاءة، والخلفية البيضاء، وحتى الأكسسوار. ويبقى ملصق خُصص للمشاهد أظهر فتاةً تجلس في صالة رافعةً رأسها إلى شاشة السينما التي تضيء وجهها. خيار مقاربة المشاهد كفرد لا كجمهور غفير يملأ الصالة ملفت يظهر الأهمية التي يوليها المهرجان للمشاهد بفرديته. وقد تكون المصادفة وحدها وجّهت تحية إلى بورتريه شيريهان الذي التقطه المصور فؤاد الخوري في صالة سينما أيضاً، لكنّها مصادفة وتحية جميلة إلى ممثلة شهدناها أخيراً في ميدان التحرير هاتفةً للحرية!