بحسب القانون الدولي، إنّ «أخذ الرهائن» هو خطف واحتجاز حرية أشخاص والتهديد بقتلهم أو بإلحاق الأذى بهم أو بمواصلة إخفائهم مقابل قيام الجهة التي يعتقد أنّهم ينتمون إليها بعمل ما أو مقابل تمنّعها عن القيام بعمل ما. وتحرّم معاهدة جنيف الرابعة احتجاز الرهائن من دون أن تحدّد ما إذا كان ذلك يقتصر على الرهائن المدنيين. ولا شكّ في أنّ ما شهدناه عبر وسائل الإعلام خلال الأيام والأسابيع الفائتة يتجاوز القوانين والأعراف وينتهك مبادئ العدالة الصادقة.
قبل التطرق إلى المسؤولية الأخلاقية لوسائل الاعلام في هذا الإطار، لا بدّ من الاشارة الى أن تناول هذه القضية يأتي متأخراً، لكن ذلك لا يعني التمييز بين خاطف وآخر وبين مخطوف وآخر.
الملاحظة الأولى تخصّ تحديد هوية المخطوفين. فوسائل الإعلام أسهمت في تعميم الوصف الذي أراده الخاطفون للمخطوفين من خلال تسليمها بـ«التحقيقات» التي أجراها هؤلاء. ولعلّ الأسوأ أنّ ذلك لم يحصل من خلال توزيع بيان عن الخاطفين أو من خلال خطاب ألقاه أحدهم، بل بواسطة بث «اعترافات» المخطوفين أنفسهم من دون أن تذكّر وسائل الإعلام التي بثّتها بأنّ «المعترفين» محتجزون بقوة السلاح.
الملاحظة الثانية تتعلّق باستخدام المخطوفين في الدعاية السياسية لخاطفيهم. بثّت وسائل إعلام تقارير أكّدت خلالها إعلامية لبنانية أنّ المخطوفين يعاملون معاملة جيدة، ونقلت عنهم أنّهم ليسوا رهائن بل «ضيوف». وبدلاً من أن تذكر الوسيلة الإعلامية أنّ هؤلاء «الضيوف» يتعرّضون لتهديد الجهة التي تحتجزهم، بادرت إلى التنويه بمزايا الخاطف وحسن استضافته للفريق الإعلامي. وبذلك سوّت الوسيلة الإعلامية بين الرهائن المحتجزين وبين الإعلامين الذين عادوا الى بيوتهم وذويهم أحراراً.
الملاحظة الثالثة تتعلّق باستعداد بعض الاعلاميين على ما يبدو للتخلي عن كلّ شيء من أجل تحقيق «سبق صحافي». لا تقع المسؤولية في هذا الإطار على الاعلاميين الميدانيين أنفسهم، بل على مديري التحرير والمسؤولين عن البثّ المباشر. وبينما يعاني لبنان من تعطيل الضوابط الأخلاقية والقانونية الرسمية، تحوّلت الشاشة الصغيرة الى محرّض على المزيد من الخطف والخطف المضاد.
«لا أحياء ولا أموات. هكذا يكون مصير الرهائن معلّقاً في مسار غير محسوب. فلا تنتظر الرهينة مصيرها أو موتها، بل حظّها المجهول الذي لا يبدو لها سوى تعسّفي بالمطلق. هي في حالة طوارئ راديكالية. الرهينة تتعرّض لتصفية افتراضية» (المفكّر الفرنسي الراحل جان بودريار).