يحاول نبيل عيوش في فيلمه الجديد «يا خيل الله» أن يقف عند التفجيرات الإرهابية التي هزت الدار البيضاء يوم 16 أيار (مايو) 2003. في العمل المقتبس عن رواية «نجوم سيدي مومن» للكاتب والتشكيلي المغربي ماحي بينبين، يتتبع المخرج سيرة الشقيقين ياشين وحميد، مستحضراً «روح» السينمائي مرزاق علواش في ثلاثيته «الدموية». هكذا، سيضعنا عيّوش أمام مغرب ممزّق، وغير مستقرّ، ويختلف عن الصورة السياحية النمطية التي تروِّج لها وسائل الإعلام الرسمية في المملكة.
يرسم سيناريو الفيلم بورتريه الشخصيتين المحوريتين، حميد (عبد الإله رشيد)، وشقيقه ياشين (عبد الحكيم رشيد) الذي يصغره بثلاثة أعوام. الشابان اللذان يعيشان في حي سيدي مومن الفقير في ضواحي الدار البيضاء، مع أب مريض وأم تكدّ لكسب قوت العيش، سيتوقفان عن الدراسة بسبب عجز أهلهما عن دفع التكاليف السنوية، وحاجتهما إلى البحث عن لقمة العيش اليومية. رأى السينمائي المغربي الفرنسي أن يعزل البطلين عن أهمّ الأحداث السياسية والاجتماعية التي عرفها المغرب آنذاك، عدا واقعة واحدة يركز عليها هي وفاة ملك المغرب الأسبق الحسن الثاني.
نقطة التحول الكبيرة في «يا خيل الله»، ستكون مع اعتقال حميد بسبب تورطه في قضية تجارة الحشيش، ليخرج من السجن بعد سنتين... مغسول الدماغ. صار شاباً متديناً، لا يرجو من الدنيا إلا إرضاء معلّمه الشيخ أبو الزبير. تدريجاً، سيجرّ حميد شقيقه الأصغر إلى دائرة التشدّد، واعتناق الفكر الأصولي. مع اللقاءات اليومية، وأداء الصلاة جماعةً، ستتعمق علاقة الشقيقين بالمتشددين. هكذا، سينضم إلى حميد وياشين عدد من أصدقائهما وجيرانهما، ليشكّلوا مع الأصوليين الآخرين أول تنظيم متطرّف في حي سيدي مومن.
الحياة الاجتماعية الصعبة، واللاعدالة في توزيع الثروات في المغرب نقطتان حاول عيّوش الإشارة اليهما بغية تبرير ميل الشباب إلى اعتناق الفكر الاصولي. هكذا، سننتقل سريعاً من سهرات تعاطي الحشيش ومراودة العاهرات، إلى إطلاق اللحية والمواظبة على الصلاة جماعةً وحضور دروس «التوعية» التي يعطيها الشيخ أبو الزبير. في الجزء الأخير من الفيلم (ساعة و15د)، يصور عيّوش توجّه الجماعة الأصولية إلى العنف. سنشاهد تدريب الشباب على رياضات قتالية، ثم تحضيرهم نفسياً للعملية من خلال تنفيرهم من الحياة الدنيا، وتذكيرهم بما أعدّه الله لعباده في الجنة، ليقع الاختيار أخيراً على الشقيقين ياشين وحميد لتنفيذ العملية الإرهابية، تقرّباً إلى الله، وانتقاماً من «الكفّار» الذين «عاثوا في الأرض فساداً».
مع أنّ «يا خيل الله» لاقى ترحيباً في الدورة الأخيرة من «مهرجان كان السينمائي الدولي»، إلا أنّه لم ينج من انتقادات تركزت على تناول الفيلم كليشيهات معروفة ومتداولة سلفاً، خصوصاً أنّ عيوش سبق أن انزلق الى السطحية و«السياحية» في أعماله كما شاهدنا في فيلمه «لولا» (2007). مع ذلك، اتفق الجميع على نجاح بطلي العمل اللذين يقفان للمرة الأولى أمام الكاميرا.