دمشق | لم تكن علا عباس ابنة الشاعرة فاديا غيبور معروفة بالشكل الذي يحلم به أي إعلامي، على رغم محاولاتها الحثيثة للتقرب من النظام السوري والحديث عن صدمة كبيرة اجتاحتها وأفقدتها وعيها يوم رحيل باسل الأسد، ثم خوضها في نقاشات عديدة استشرست خلالها في الدفاع عن النظام السوري، حتى بعد مرور أكثر من 15شهراً على الأزمة وازدياد وتيرة العنف الذي كانت المذيعة السورية تجد دوماً مبرّرات له.
لكنّ قرار وزير الإعلام السوري السابق عدنان محمود وقع كالصاعقة عليها يوم أصدر قراراً يقضي بنقلها مع بعض زميلاتها من الفضائية السورية إلى إذاعة «صوت الشباب». قد يكون هذا القرار وضع حداً لشهرة المذيعة السورية وجعلها تحلم فعلياً باللحظة المواتية التي تحصد من ورائها شهرة واسعة. وبالفعل، فقد أزفت ساعة الحلم الوردي، حين أعلنت علا عباس الشهر الماضي استقالتها من «الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون»، حيث كانت تعمل منذ حوالى عشر سنوات، ونشرت صوراً عن مجزرة التريمسة على صفحتها على فايسبوك، وأتبعت ذلك بتعليق مفاده «أنّها لن تدخل مؤسسات الدولة الرسمية طالما أنّ هذا النظام الطاغية موجود، وهي التي يفرض عليها أن تسبّح وتحمد باسمه».
وكانت المذيعة السورية قد تأهبت للردّ على سيل الانتقادات التي تمحور معظمها حول خطوتها التي جاءت متأخرة جداً، فواجهت كل من حاول التعليق على صفحتها بالحظر والحذف، ولم تحتفظ إلا بالردود المؤيدة لحركتها والمباركة لبطولاتها وجرأتها. بعدها، توالت تفاصيل السيناريو المعروف والمتوقع في هذه الحالات. لم تمض أكثر من 24 ساعة، حتى ظهرت عباس ووراءها العلم السوري ذو النجوم الثلاث (علم الانتداب الفرنسي) لتعلن انشقاقها عن نظام أفرط في العنف، ولم تعد تستطيع السكوت عن جرائمه وفق ما قالت في بيان مصوّر بثته قناة «العربية» وتناقلته مواقع التواصل الاجتماعي.
طبعاً، لم تفصح مذيعة التلفزيون السوري عن سبب صمتها الطويل عن جرائم النظام من جهة، وكذب المنظومة الإعلامية التي انتمت إليها طويلاً منذ انطلاقتها العملية. لكنّ حالة اللبس لم تدم طويلاً. ظهرت علا عباس أخيراً من مكان إقامتها الجديد في باريس لتقول عبر لقاء أجرته مع قناة BFM TV الفرنسية إنّها كانت تنوي الانشقاق منذ أن اندلعت الأحداث في درعا، لكنّها خافت على نفسها وعلى عائلتها. «وفي إحدى الليالي التي لم تستطع فيها التحمّل أكثر من ذلك»، قررت الهرب إلى بيروت. وباركت علا انشقاق رئيس الوزراء السوري رياض حجاب ومناف طلاس، مضيفة إنّ ذلك ينذر بقرب سقوط النظام، واصفةً بشار الأسد بالشيطان. لكن المذيع الذي استضاف علا، لم يلعب دوره في هذا اللقاء التلفزيوني، ولم يحاول حتى وضع المذيعة في زاوية يستدرجها للحديث فعلياً عن صمتها طيلة الأشهر السابقة التي أمضتها وهي تدافع عن النظام، لا الاكتفاء بالصمت والوقوف على الحياد مثلاً.
حقّقت علا عباس سابقة في أول ظهور لمذيعة سورية على محطة فرنسية، وها هي تحصد شهرة واسعة وحضوراً مميزاً هذه الأيام. لكن ربما سيصعب عليها محو تاريخ طويل من الخضوع لهيمنة النظام السوري وسلطته، بل مباركة الكثير من خطواته...