بغداد | تتفاعل تبعات الأحداث في سوريا والأوضاع الانسانيّة الصعبة هناك على صفحات الفايسبوك الخاصة بعدد كبير من المثقفين العراقيين. يتضامن هؤلاء مع أشقائهم السوريين، الذين لطالما احتضنوا آلافاً من أبناء الرافدين، ليس فقط بعد الاجتياح الأميركيّ للعراق، بل منذ أن وصل «البعث» إلى السلطة في بغداد وبدأ بتصفية خصومه عام 1979. أهم نتائج هذا التضامن هو تأسيس مجموعة «البيت بيتكم» على موقع التواصل الاجتماعي بمبادرة من مجموعة كتّاب وصحافيّين وناشطين عراقيّين، للتعبير عن رفضهم موقف حكومتهم القاضي بـ«عدم استقبال النازحين السوريّين بسبب الوضع الأمنيّ». كتب أصحاب المبادرة تعريفاً بنشاطهم: «نحو تشكيل لجان شعبيّة عراقيّة للترحيب بأشقائها السوريّين في بلدهم الثاني العراق»، مع جملة أخرى: «أشقاءنا السوريين... أهلاً وسهلاً بكم». سياسة الحكومة العراقية دفعت المثقفين إلى فتح أبوابهم للسوريين الذين عبروا الحدود. ها هو الشاعر صفاء خلف (الصورة) يكتب: «يمكنني استضافة عائلة سوريّة في شقّتي المتواضعة»، بينما يشير زميله زعيم النصار إلى أنه جاهز «لإيواء ثلاث عوائل في بيتي وبيوت أشقائي في بغداد، من عوائل أهلنا السوريّين النازحين من رعب الدكتاتورية والاقتتال».
الأصداء لم تتوقف هنا، بل شاهدنا إطلاق صفحات أخرى لدعم النازحين السوريين إلى العراق مثل «سوريا في القلب». هذه الحملات ومقالات الاستنكار التي كتبها عدد من المثقفين العراقيين في الصحف المحلية، فضلاً عن الاستنكار الشعبي، نجحت في تغيير سياسة الحكومة التي فتحت حدودها أمام النازحين السوريين قبل أيام. وبمجرّد إعلان الحكومة عدولها عن قرارها الأول، ضجّت صفحات الناشطين العراقيين بتعليقات يهنئون فيها بعضهم بعضاً على نجاح جهودهم، التي عدّوها جزءاً من تحريك الرأي العام تجاه قضية إنسانيّة لا بدّ للعراق من أن يسهم في تحمّل قسم منها.
لم تنته جهود المبادرين عند هذا الحد. هم الآن في طور الإعداد لزيارات ميدانيّة إلى مخيمات النازحين السوريّين على الحدود العراقيّة السوريّة للاطمئنان على أوضاعهم، والبحث في إمكان التحرّك أكثر، بغية الاهتمام بهم والتأكّد من أنّهم يتمتعون فعلاً بوضع إنسانيّ لائق.