وضاع اللبنانيون من دون الإنترنت. منذ الاثنين الماضي وهؤلاء متورّطون في لعبة «القط والفأر» مع الانترنت وانقطاعاته المتكررة (راجع "الإنترنت يعود... أقوى؟"). في ذلك المساء، فوجئت ديما عندما تلقت رسالة قصيرة على هاتفها الخلوي. هذا النوع من الرسائل لم يردها منذ زمن طويل لأنّها ــ ككثير من اللبنانيين ــ لجأت في الفترة الأخيرة إلى استخدام التطبيقات الحديثة للهواتف الذكية التي لا تصرف «دولارات» من حساب الهاتف. لكنّ الـwhatsapp ورسائل الـBB كلها توقفت عن العمل حتى يوم أمس وباتت ديما تحسب «دولاراتها» مع كل رسالة تبعثها.
إلا أنّ النصف الملآن من الكأس هو عودة التواصل المباشر بين الناس! والدليل أنّ كريستين غيّرت «عاداتها» أمس، وتكبّدت عناء دخول غرفة شقيقتها لمناداتها لشرب القهوة لأنّ الـ3G معطّل. كانت كريستين تكتفي قبلاً بإرسال «ايموشن» لفنجان القهوة مع كتابة كلمة «مطبخ»، فتلتقي الاختان اللتان تعيشان في المنزل نفسه لاحتساء القهوة. هذا الأمر ينطبق أيضاً على الشوارع التي لم تسلم من هذا العطل التقني في الليالي الماضية. بعض المستخدمين، لم يجدوا ما يبقيهم أمام شاشاتهم، لذا نزلوا إلى «الواقع». هكذا اكتظ شارع «الحمرا» بالشباب، وخلت الأيادي من الهواتف، وارتاحت أصابع الحاضرين من الكتابة المتواصلة، وتبادل هؤلاء الابتسامات والإيماءات الحقيقية. وكما الحمرا، كذلك الجميزة. لكنّ حال روادهما كان مفاجئاً. على غير العادة، لم يكن معظم الناس يحملون «آي فون» و«آي باد» ويطرقون رؤوسهم فيها. إنها حالة فريدة من نوعها. لكنّ هذه الفرادة لا تعجب ديما التي تقول لـ«الأخبار» إن انقطاع الإنترنت يمنع وصول الرسائل الإخبارية إلى هاتفها الخلوي، «ما يعني أنني قد أتعثّر بطرق مقفلة بالإطارات المشتعلة وأنا عائدة إلى البيت». بعد ثوان من الصمت، استدركت ديما كلامها، وتذكرت أنّ لديهم في البيت اختراعاً اسمه «تلفزيون»! تخبرنا أنها نادراً ما كانت تشاهده، «لكن قد يحل مشكلتنا هذه الأيام». في كل الأحوال، يذكّرنا انقطاع الإنترنت بالمثل الشهير «ربّ ضارة نافعة». ها هو يعيد إلينا إنسانيتنا وحياتنا الطبيعية التي فقدناها وسط فوضى... التكنولوجيا!