القاهرة | أول من أمس، ظلّت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» لساعات تورد أنّ حسني مبارك مات سريرياً، فيما اكتفت «رويترز» بالقول إنّه غائب عن الوعي. هكذا وصلت شائعة وفاة مبارك إلى المصريين بصيغ مختلفة. حرب شائعات على قدر عال من الاحترافية تستخدم فيها وسائل الإعلام على النحو الأمثل. هذا هو التوصيف لما جرى مساء أول من أمس الثلاثاء عندما لهث المصريون لساعات وراء أخبار وفاة مبارك التي بدت أكيدة للمرة الأولى من فرط قدرة أصحاب الشائعة على حبكها، حتى نجحوا في إصابة عصفورين بحجر واحد: مخالفة القانون ونقل مبارك إلى مستشفى المعادي العسكري بعدما كان موجوداً في مستشفى سجن طره منذ الحكم عليه بالسجن المؤبد (2 حزيران/ يونيو).
والعصفور الأهم هو التغطية على ما كان يجري في ميدان التحرير حيث عاد مئات الآلاف من المتظاهرين للاحتجاج ضد حكم العسكر، وما تردد عن الاستعداد لاعلان فوز الفريق أحمد شفيق برئاسة مصر بما يخالف أرقام فرز صناديق الانتخاب التي صبت في صالح منافسه محمد مرسي. وبالطبع، كان لوسائل الإعلام والأخبار نصيب الأسد في نجاح المهمة، تحديداً «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المتهمة دوماً بالانحياز إلى النظام القديم. سرّبت الوكالة الخبر الصادم «مبارك مات سريرياً فور وصوله إلى مستشفى المعادي للقوات المسلحة». طبعاً، لم يسأل أحد عن مدى قانونية نقل مبارك إلى هناك، بل انشغل الكل في معرفة تفاصيل مراسم الدفن والجنازة. وبعد ساعتين تقريباً من الجدل والتفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خرجت وكالة «رويترز» لتؤكد أنّ مبارك غائب عن الوعي، لكنّه لم يدخل مرحلة الموت السريري. بين هذا الخبر وذاك، تناولت الفضائيات المصرية الحدث نقلاً عن مصادر متعددة، بعضها أكّد خبر الوفاة. لكن بمجرد ظهور امارات النفي وطلوع نهار الأربعاء على مبارك في سريره في المستشفى الذي خرج منه جثمان أنور السادات، لم تعتذر «وكالة أنباء الشرق الأوسط» عن خبرها المفبرك، ولم تعلن أي قناة أنها لن تتعامل مرة أخرى مع المصادر التي روّجت للخبر وتروّج لأخبار مغلوطة طوال الوقت. وفيما طالبت صفحة «كلنا خالد سعيد» النشطاء على فايسبوك بعدم ترديد الشائعات حتى يتم التأكد منها، لم يجد المصريون سوى التندر على تلك الأخبار بعدما تأكد استخدامها للتغطية على حالة الغضب التي تسود الشارع المصري بسبب تصرفات المجلس العسكري السياسية. قال بعضهم إنّ تكرار وفاة مبارك أمر مضر جداً بصحته، وتندر آخر حول اعلان وفاته سريرياً ثم ثبوت العكس، قائلاً إنّ مبارك مات تلفزيونياً. وغضب آخرون لأنّ مبارك مات من دون أن يرى غيره يدخل القصر الرئاسي، قبل أن تتغير ردود فعلهم مع تأكد بقائه على قيد الحياة.