تونس | خلال اجتماع عقدته في العاصمة تونس أول من أمس بحضور العديد من الفنانين، قررت «نقابة المهن الموسيقية» مقاطعة مهرجانات الصيف التي تديرها وزارة الثقافة، ومن بينها مهرجانا «قرطاج» و«الحمّامات» العريقان. القرار جاء رداً على انفراد وزير الثقافة المهدي مبروك بإدارة المهرجانات من دون استشارة النقابة المعنية التي ترى أن برمجتي «قرطاج» و«الحمّامات» اللتين أُعلنتا أخيراً، كانتا «دون المأمول». إذاً، إنّه قرار سياسي يُراد به الضغط على الوزير الذي أدّت مواقفه الأخيرة إلى توسيع الهوّة بينه وبين الفنانين، والمثقفين التونسيين عموماً. لكن حتى الآن، لم تتضح مدى الاستجابة لقرار المقاطعة لدى الفنانين التونسيين، فمن المقرر أن يشارك 7 منهم في «قرطاج» من بينهم صابر الرباعي. وفي تصريح لـ«الأخبار»، قال الكاتب العام في «نقابة المهن الموسيقية» سامي بن سعيد إنّهم لا يرون جدوى من المشاركة «في هذه الفاعليات التي لا تستجيب لمطالب الفنانين وطموحاتهم، ولا لمطالب الثورة».
قرار المقاطعة هذا يأتي بعد أيام على قرار «نقابة مهن الفنون التشكيلية» وعدد من الفنانين والأدباء والناشطين، مقاضاة وزير الثقافة بسبب موقفه من الهجمة السلفية على «قصر العبدلية» في المرسى بدعوى احتضانه معرضاً «يسيء إلى المقدّسات» (الأخبار 16/ 6/ 2012). وتفاعلت قضية المعرض أكثر، حين دعا رئيس الهيئة العلمية في جامع الزيتونة حسين العبيدي في خطبة الجمعة الأخيرة إلى «هدر دم» الفنانين المشاركين في المعرض. وهذا ما دفع وزارة الشؤون الدينية إلى إصدار بيان أعلنت فيه منع الشيخ العبيدي من الإمامة في الجامع الأعظم الذي كان إلى وقت قريب منارة للتسامح والتنوير.
وقد طالب ناشطون وفنانون ومنظمات حقوقية بمقاضاة الشيخ العبيدي لما صدر عنه من تحريض ودعوة صريحة إلى القتل. ومن المعروف أنّ هذه المعركة المفتوحة بين وزير الثقافة والفنانين والمثقفين التونسيين، سببها إسلاميون متشددون يتهمون الحكومة بالتستّر والصمت على «تعدّي» الفنانين على المقدّسات.
إلى أين سيقود هذا الصراع تونس، وهو الذي يخفي اختلافاً جوهرياً في طبيعة المجتمع التونسي وحياته اليومية التي تسعى التيارات السلفية بالتحالف مع «حركة النهضة» الحاكمة وشركائها، إلى تغييرها للعودة بنا إلى زمن «السلف الصالح»؟