رغم تعدد التسميات واختلاف التعريفات وتواضع التجارب، يمثّل تلفزيون الويب ظاهرة إعلامية مختلفة في لبنان، وخصوصاً أنّه لا سلطة رقابية عليها. غير أن التجربة ما زالت متواضعة بسبب سوء قطاع الإنترنت الذي يعرقل نموّها، ويؤجّل دخولها في منافسة فعليّة مع القنوات المحليّة. بالتالي، هي لا تمثّل خطراً على قطاع المرئي بخلاف الحال في العالم العربي، وتحديداً في مصر. هناك، مثّلت القنوات التلفزيونيّة على الشبكة العنكبوتيّة وسيلة فعّالة للتعبير عن المواقف السياسيّة في زمن الثورة وما بعدها، بكلفة مالية زهيدة. أما في لبنان، فالتجارب لم تصل إلى مرحلة الاحتراف، آخرها مشروع «تلفزيون ومجلة المرأة» الذي أُعلن قبل أيّام في وزارة الإعلام في بيروت. يكشف صاحب المشروع طارق أبو زينب لـ«الأخبار» أنّ «المجلة والقناة تمثّلان وسيلتي إعلام مدنيتين كي يتحوّل خريفنا العربي إلى ربيع حقيقي». يموّل أبو زينب شخصياً المشروع الذي يهدف إلى «تعزيز المجتمع المدني، مروراً بحقوق المرأة، وصولاً إلى معارضة التمييز والعنصرية والطائفيّة السياسيّة».
من جهتها، تأمل رئيسة التحرير في التلفزيون، جيهان الملّا، أن يتمكن «فريق العمل المبتدئ» من إثبات ذاته وأن تساعده التجربة على تحقيق أهدافه. تدرك الملّا صعوبة المشروع، وأن نتائجه ستتأخّر في الظهور، مشيرة إلى أن «الأجيال القادمة هي التي ستقطف ثماره». وإذا كان آخر المشاريع التلفزيونيّة على الشبكة العنكبوتيّة بطلته المرأة، تبدو التجارب السابقة مختلفة. فقد بدأ أول مشروع في لبنان مع مدير قسم تقنية المعلومات وتطوير الأعمال في صحيفة «النهار» وديع تويني الذي أطلق في كانون الأول (ديسمبر) 2008، قناة ويب خاصة بالصحيفة عبر اليوتيوب، وانطلقت رسميّاً في شباط (فبراير) 2009. ينظر تويني إلى التجربة كـ«رسالة إعلاميّة مختلفة، تغطي مواضيع غالباً ما لا تهتم بها التلفزيونات التقليديّة، عبر تقارير اجتماعيّة، واقتصاديّة، وسياسيّة، ورياضيّة، وصحيّة». ولا يجد تويني حرجاً بالاعتراف بأن «الدافع الأساسي لإطلاق المشروع، هو تدني كلفته المادية، وتحقيقه انتشاراً أوسع من انتشار التلفزيون، كذلك يوفّر إمكان إعادة بث المواد في أي وقت ومن دون إعلانات».
وفي عام 2011، انطلق تلفزيون آخر على الشبكة العنكبوتيّة، رافعاً شعار «من صيدا إلى كل الوطن». إنّه Saida TV التابع للتنظيم الشعبي الناصري الذي يعرض تقارير مصوّرة من صيدا (جنوب لبنان). يؤكّد مدير الموقع عصمت القوّاس، أنّ ما حمّسه لخوض التجربة هو «الكلفة القليلة لتلفزيون الويب وأهميّة دمج الصورة بالصوت». وهو يعتمد على طاقات شبابيّة غير متفرّغة، متخصّصة في مجالي الإخراج والإعلام. وفيما لا ينفي ارتباط الموقع بالتنظيم الشعبي الناصري، يطلب الحكم على التجربة «انطلاقاً من المادة التي نقدمها». ورغم الوضع السيئ للإنترنت في لبنان، لا يرى القوّاس عائقاً في استمرار تلفزيونات الويب، تماشياً مع التطوّر، يقول: «يمكننا الاستغناء عن التصوير العالي الجودة ومقاطع الفيديو الطويلة». لم يكن التلفزيون الصيداوي التجربة الوحيدة التي بدأت عام 2011. حزب «القوات اللبنانية» أنشأ أيضاً قناة LFTV على الشبكة العنكبوتيّة، غير أنها لم تتمكن من الصمود طويلاً. هكذا، توقف المشروع بعد أقل من عام، بحجّة بطء الإنترنت في لبنان وارتفاع كلفته، «كذلك فإنّ الإعلانات لم تكن كافية لإنتاج البرامج» يقول مدير عمليّات القناة جورج شوّاح. ورغم أن مدير تحرير الموقع الإلكتروني للقوات اللبنانيّة طوني أبي نجم، أدرك صعوبة التحدي من البداية، مراهناً على «استخدام تقنية جديدة تتيح للمشاهد متابعتنا بطريقة طبيعية وسهلة»، إلا أنّ الرياح جرت بخلاف ما يخطط له الحزب، وباءت التجربة سريعاً بالفشل.
وإذا كان تشجيع هذه التجارب مهماً كأحد نماذج الإعلام البديل المرشّح للتوسع في الفترة المقبلة، فالأكيد أنّ المشاريع اللبنانية في هذا الإطار لا تحاكي جوهر المفهوم العلمي لتلفزيون الويب. يقول أستاذ الدراسات والمعلومات وتكنولوجيا الإعلام في الجامعة اللبنانية عماد بشير: «انطلقت التجربة في منتصف التسعينيات، بتسميات مختلفة اندرجت في إطار تلفزيون الويب الذي تعزز موقعه في عام 2005». يرى بشير أنّ «تلفزيون غوغل هو مثال جيّد لتلفزيون الويب»، مضيفاً أنّ «وصول هذا النوع من التجارب إلى عالمنا العربي، وتحديداً لبنان، يحتاج إلى وقت طويل، وخصوصاً أنّ تلفزيون الويب يحتاج إلى إمكانات مادية هائلة وبنية تحتيّة متطورة على مستوى السعة، هذا إذا نسينا الأسعار المرتفعة لخدمة الإنترنت». لكن ماذا عن التجارب اللبنانية في هذا الإطار؟ يجيب بشير: «حتى الآن، لا يوجد تلفزيون ساتلايت في العالم العربي، بل تلفزيون متوافر من خلال الأقمار الصناعية، لأن تلفزيوناتنا لا تقدم خدمة الـ«تيليتكست». ولو قدّمته فهي تجرّده من التفاعلية، فما بالنا بتلفزيونات الإنترنت؟». وهنا، يختزل تلفزيونات الويب في لبنان بأنّها «مجرد خدمات فيديو على مواقع توفّر المادة الإعلامية للمتلقي من خلال النص والخدمات الإذاعية والبصرية».

www.womenspring.org/index.php
www.youtube.com/user/AnnaharTV
www.saidatv.tv