القاهرة | مع أنّ النتائج الرسمية لانتخابات الرئاسة المصرية لم تعلن بعد، إلا أنّ المؤشرات الأولية تؤكد على نجاح مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي، الذي لم ينحَزْ إليه نجوم هوليود الشرق، لكن، ماذا سيحدث لأهل الفن بعد وصول أحد أبناء حسن البنّا إلى القصر الجمهوري؟ هذا السؤال أجاب عنه باكراً الفنانون الذين أيدوا الفريق أحمد شفيق. قبل ساعات من إقفال صناديق الاقتراع، كتب بعض هؤلاء على الفايسبوك أنّ المحروسة ستدخل عصر الظلام لو لم يتحرك المصريون لدعم شفيق ضد مرسي. ركّز هؤلاء على حث الناس على النزول والتصويت لصالح شفيق، بعدما شعروا بأن فرصه بالفوز تتراجع، لكنهم لم يسألوا أنفسهم عن سبب عدم انحياز رافضي المرشح الإخواني إلى منافسه شفيق، مفضلين متابعة الانتخابات على الشاشة. كان شفيق الخيار الأصعب لكل المصريين، رغم أنّ معظم الفنانين رأوه المنقذ من المصير المظلم، حتى لو لم يقتنعوا به. غير أن تلك الفكرة لم تصل إلى الملايين، ما يؤكد أن الفنانين لم يعد لهم التأثير الكبير في الرأي العام، ربما بسبب مواقف معظمهم السلبية من الثورة. بات الناس يتأثرون ببعضهم من دون الحاجة إلى قادة رأي ثبت بالتجربة أنهم يبحثون عن مصالح قريبة لا عن فائدة شعب يريد الحرية والكرامة.

ساهم في ذلك اقتناع كثيرين بأن الفن ما زال خارج المعركة، فالبرلمان الذي قالوا إنه سيحاصر الإبداع، تم حلّه ولم ينجح في اتخاذ أي إجراءات حقيقية ترسّخ هذا الحصار طوال الأشهر الستة التي انعقد فيها. صحيح أنّه تم اتخاذ مواقف سلبية تجاه بعض الأعمال الفنية، لكنها لم تتحول إلى ظاهرة عامة بعد. الثابت أن منتِجي الأفلام التجارية التي يصنفها النقاد أنفسهم بـ «المبتذلة»، محمد السبكي وشقيقه أحمد كانا الأكثر حضوراً في دور العرض طوال عام ونصف، بأفلام مثل «شارع الهرم» و«عمر سلمى 2»، و«حصل خير»، وأخيراً «غيم أوفر».
إذن، مزاج الشعب المصري لم يدخل النفق المظلم بعد، والأهم بات كيفية النهوض بالإبداع في هوليوود الشرق أياً كان الرئيس الذي سيدخل القصر، فيما لا أحد يصدق أنّ هناك فناناً قد يهاجر للعمل خارج مصر بسهولة في حال فوز مرسي، بل يرى البعض أن الفنان الحقيقي سيكمل المشوار مهما كانت المعوقات.
لكن المأزق الأكبر ربما سيكون أمام أصحاب الأعمال التجارية، وخصوصاً تلك التي تعرض على الشاشات الفضائية. هؤلاء لا يجدون دعماً من الشارع الذي رأى أن مخاوفهم ليست بسبب الحرية كمبدأ، وإنما حريتهم هم في تقديم فن يخاطب فئات محددة من الجمهور. بالتالي، قد يكون على هؤلاء إعادة حساباتهم الآن، والتوقف عن التصريحات السلبية، كتلك التي أطلقتها وفاء عامر أول من أمس بقولها: «مصر بتسلم عليكم وبتقولكم هتوحشوني» في إشارة إلى فوز مرسي حسب نتائج الفرز الأولية، متهمة المقاطعين بأنهم تسببوا في نجاح مرشّح الإخوان بعنادهم. الأمر ذاته تكرّر مع المطربة أنوشكا التي أبدت تخوفها من صعود محمد مرسي، لأنه ينتمي إلى جماعة «لا تتقبل الرأي الآخر». وعلى الرغم من أنه من المقاطعين، إلا أن خالد أبو النجا أبدى هو الآخر تخوّفه من نجاح مرشّح الإخوان، لكن من زاوية أن الرئيس الجديد لن يملك حق التصرف في شؤون البلاد في ظل سيطرة المجلس العسكري. وعلى النهج نفسه، سار خالد الصاوي الذي كتب على صفحته في الفايسبوك مطالباً الثوار بتركيز جهودهم على رفض الإعلان الدستوري المكمّل الذي سيحوّل الرئيس إلى رئيس وزراء، وسيجعله (أي الرئيس) يحلف اليمين أمام المحكمة الدستورية لا أمام البرلمان الذي يمثل الشعب. وعلى الرغم من أن السيناريست بلال فضل كان من المناصرين لمحمد مرسي «حرصاً على عدم عودة النظام القديم»، إلا أنه سيتحول من جديد إلى صفوف المعارضة، لينقد من هناك الرئيس الجديد. من جهته، طالب الإعلامي باسم يوسف الناس بالفرح لمدة يوم واحد في هزيمة شفيق، قبل بدء معارضة الرئيس القادم الذي سيدير البلاد حسب أوامر المجلس العسكري. وركز الكاتب علاء الأسواني على أن فوز مرسي الذي يعارضه، يعدّ هزيمة لرجال مبارك ووزير داخليته الأسبق حبيب العادلي، يجب تأكيدها حتى لا ينجحوا في التشويش على أن إرادة الناس كانت تهدف إلى دحر النظام البائد أياً كان البديل في المرحلة الحالية.



انحياز إعلامي

محمد مرسي متقدم في معظم المحافظات وأحمد شفيق متقدم في «سي. بي. سي» و«الفراعين». المزحة انطلقت فجر الإثنين للدلالة على انحياز بعض القنوات المصرية إلى المرشح المحسوب على نظام مبارك، إذ كانت بعض الفضائيات تركّز على اللجان التي تقدم فيها شفيق، بينما كانت مصادر الأخبار الأخرى تؤكد على أنّ الإجمالي ما زال في صالح محمد مرسي. ورصد النشطاء استياء هالة سرحان ولميس الحديدي من النتائج الأولية. وبات مؤكداً أن برامج الـ «توك شو» المصرية ستصبح مطالبة بتغيير توجهها تجاه الإخوان في المرحلة المقبلة.