بغداد | ليست المرة الأولى التي ينعى فيها الإعلام إحدى رائدات الفن العراقي وهي على قيد الحياة! قبل فترة، انتشرت شائعة وفاة المغنية مائدة نزهت (1937 ــ الصورة)على نطاق واسع، وأخذت مكانها في الصحف والفضائيات العراقية إلى جانب أهم أخبار الأزمة السياسية التي يشهدها البلد. ترافق نشر الخبر مع سيل من التعليقات التي تحوّلت إلى سجال بين رأيين مختلفين عن الفنانة «المتوفاة». وبينما أبدى البعض أسفه وحزنه على رحيل «سيدة الغناء العراقي»، رفض آخرون «نعي» نزهت، «لأنها غنّت لصدام حسين «حيّاك يابو الحلا»». وجاء نص الخبر الذي بثّته الوسائل الإعلامية مفتقراً إلى المصدر، ليؤكد أن «الفنّانة العراقيّة المعتزلة مائدة نزهت توفيت في عمّان عن عمر ناهز 75 عاماً. اسمها الحقيقي «مائدة جاسم محمود»، وتعدّ من ألمع المطربات العراقيات، حيث امتازت أغانيها بالجمال والطرب وأثْرت الساحة الغنائيّة العراقيّة بروائع لا تنسى.
وكانت من أوائل الفنانين العراقيّين الذين غنّوا في دائرة الإذاعة والتلفزيون». لكن صاحبة «سألت عنك» نفت من مكان إقامتها في القاهرة الخبر الكاذب، مؤكدة لإذاعة «سومر إف إم» العراقية أنها «بخير وصحة جيدة»، وأنّ «ما تردد من أنباء بشأني» مجرّد إشاعات «لا أعرف من الذي سرّبها». الغريب في الحادثة أن الصحافة العراقية، خصوصاً النقّاد الفنيين، لم يعلّقوا على هذه «السقطة المهنية» التي تتكرر للمرة الثانية خلال أشهر بعدما أشيع خبرٌ كاذب عن رحيل الفنانة الرائدة عفيفة اسكندر (1921) بالطريقة نفسها. حينها، نفت صاحبة «يا سكّري يا عسلي» خبر وفاتها وهي على فراش المرض الذي تلازمه منذ فترة، مؤكدة أنها ما زالت على قيد الحياة. الحادثتان اللتان تؤكدان أن الفوضى تعبث بالإعلام العراقي ومؤسساته، تفتحان الباب أيضاً على التساؤل: لماذا لا نتذكر المبدعين إلا بعد «وفاتهم»؟ لافتات نعي عُلقت في بغداد، تزامناً مع شائعة رحيل مائدة نزهت. كما دفعت شائعة وفاة عفيفة اسكندر رئاسة الجمهورية العراقية إلى الاهتمام بوضعها الصحي، إذ خُصِّص لها راتب شهري، وصفه بعضهم بـ«الصحوة المتأخرة».