القاهرة | استيقظ الموسيقي المصري الشاب أيمن حلمي على اتصالات أصدقائه، يخبرونه بأنّ «الملك» محمد منير يغني أغنيته، لكن ذلك لم يكن خبراً سعيداً! الأغنية المعنية هي «عزيز عيني» وهي ليست أغنية حلمي بالضبط. أساسها فولكلور مصري تغنّى به الفلاحون المصريون الذين جندوا قسراً في الحرب العالمية الأولى، لكنها نسبت بعد ذلك إلى سيد درويش الذي لم يكن رائداً موسيقياً فحسب، بل أيضاً رائد استخلاص الفولكلور وإعادة إنتاجه بأساليب «عصرية». بعد حوالي قرن من الزمن، يحترق عشرات المسرحيين المصريين في مأساة مسرح بني سويف في أيلول (سبتمبر) 2005، لم تكن المأساة في الموت وحده، بل في هدر حقوق الموتى. رفض الرئيس ــ وقتذاك ــ حسني مبارك حتى قبول استقالة وزير الثقافة فاروق حسني، وتمت محاكمة بعض الموظفين سرعان ما برأتهم الدرجات التالية من التقاضي.
هنا أعاد الفنان الشاب أيمن حلمي تقديم اللحن الفولكوري بعد تبديل الكلمات. لم تعد الأغنية تقول «يا عزيز عيني/ وانا بدي أروح بلدي» أو «يا عزيز عيني /السلطة اخدت ولدي». كتب حلمي كلمات جديدة تقول «يا عزيز عيني وأنا بدي أروح بلدي/ ليلة نمت فيها وصحيت مالقيتشي بلدي/ عم ياللي ماشي/ ظلم ما ترضاشي/ سافر قلبي وما جاشي/ يدوّر على بلدي».
كتب حلمي الكلمات السابقة في بدايات العام 2006، وغنّتها فرقة «حالة» المسرحية في عرضها «كستور»، وكذلك الفنانة الشابة «مصرية». لكن إنتاجها الأشهر كان في فيلم «عين شمس» (2008 ـــ ابراهيم البطوط) الذي عُرف بوصفه أول روائي طويل مستقل يعرض في الشاشات التجارية المصرية. كانت الأغنية هي «فينالة» (خاتمة) الفيلم وغنتها الفنانة مريم صالح التي ظهرت في الشريط بشخصيتها الحقيقية، وشاركها الغناء أحمد صالح ودودو، على وقع عود كريم سامي. نالت الأغنية الكثير من الإشادة حتى عدّت عملاً مستقلاً بذاته. عمل لم ينس أصحابه أن يسجلوا على التترات أن الأغنية مأخوذة عن تيمة فولكلورية أعاد تقديمها وكتابة كلماتها أيمن حلمي.
لكن منير لم يفعل ذلك، فوجئ أيمن وأصدقاؤه ومحبّو الأغنية بـ«الملك» يغني كلمات أيمن حلمي على شاشة تلفزيون «النهار» من دون أي إشارة إلى المؤلف، ولم تكن هناك سوى إشارتين: الأولى تقول إنّ الأغنية إهداء إلى تلفزيونات «النهار»، والثانية تقول إنّها من موسيقى شريف نور!
نور هو أحد أعضاء فرقة منير، لكن الأغرب أنّ كتابة اسمه على الأغنية قد لا تعني نية الاستيلاء عليها بقدر ما تشير إلى متاعب استغلال الفولكور في مصر، إذ يتحايل معظم الفنانين على إجراءات البيروقراطية المجهدة لاستخدام الفولكور، فينسبون اللحن إلى أحد أعضاء الفرقة! فعل منير نفسه ذلك مع الأغنية المشهور «آه يالاللي» التي تضمنها ألبوم «الفرحة» (1999)، حيث كتب على الأغنية أنها من كلمات حافظ الصادق وألحان فوزي الجمل!
«الفارق الوحيد أنهم استخدموا مقام النهاوند بدلاً من البياتي» يقول أيمن حلمي لـ«الأخبار» معرباً عن دهشته من التعامل مع كلماته على أنّها فولكلور، فهي لا تشبهه، فضلاً عن أنها قدمت أكثر من مرة مسرحياً ثم سينمائياً. وقدمت أخيراً في التأبين الحاشد لمينا دانيال أحد شهداء موقعة «ماسبيرو». وهي متوافرة بسهولة على يوتيوب مع المعلومات كافةً. ويحتاط حلمي أولاً بحسن النية، مفترضاً أنّ الأمر قد يكون مجرد سوء تفاهم مهما بدا ذلك غريباً، ويعتبر أنه آن للفنانين المستقلين أن يدافعوا عن حقوقهم الفكرية، ولكن «سألجأ إلى الأساليب الودية أولاً ثم نرى».
لقد تم تعديل هذا النص عن نسخته الاصلية بتاريخ 14-06-2012