هل فعلاً سوف ينجو «مسرح بيروت» من خطر الهدم، ويعاد افتتاح أبوابه لاستقبال العروض والأعمال الفنية؟ هل فعلاً بدأت تثمر نتائج حملة «ردوا المسرح لبيروت» ونجح الفنانون والمعنيون بالحياة الثقافية في لبنان في حماية صرح ثقافي من جشع المستثمرين وعشاق ناطحات السحاب؟ فعلاً، أصدر وزير الثقافة اللبناني كابي ليون أخيراً قرارين يرسمان الخطوة الأساسية الأولى التي تكرس مساراً يبشر بنهاية سعيدة وقريبة: إعادة «مسرح بيروت» مسرحاً فاعلاً، لا متحفاً، أو مطعماً، أو ملهىً أو فندقاً... يقضي القرار الأول بتشكيل لجنة من أصحاب الاختصاص تضمّ مستشارين قانونيين ومهندسين مُدنيين ومعماريين بهدف إبداء الرأي في وجوب اعتبار «مسرح بيروت» ممتلكاً ثقافياً يقتضي الحفاظ عليه ودرء الأخطار التي قد يتعرض لها جرّاء إقفاله. فيما أوعز الوزير بموجب القرار الثاني الى هيئة القضايا في وزارة العدل بتقديم طلب أمر على عريضة باسم الوزارة أمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت بغية تعيين خبير محلف يضطّلع بمهمة الكشف على العقار وتحديد قيمة التعويض المتوجب في حال وضع اليد المؤقت على المسرح.
في كانون الثاني (يناير) 2011، كان الوزير كابي ليون قد أبدى اهتماماً بقضية «مسرح بيروت» من خلال إصدار قرار يقضي بإدراجه على لائحة الأبنية الأثرية. أما اليوم، وبعد إصرار المجتمع المدني على أنّ حماية الحجر لا تكفي، بل المطلوب هو إعادة افتتاح المسرح، والحفاظ على وجهة عمله، قام وزير الثقافة بخطوة متقدمة وأصدر القرارين.
هذان القراران الجميلان ما زالا حبراً على ورق طبعاً، في انتظار انتزاع المسرح نهائياً من أنياب المستثمرين. لكنهما، رغم بقائهما حتى الآن في إطار المجرّد، يمثلان إنجازاً لافتاً لحملة «ردوا المسرح لبيروت»؛ إذ أعادت الحملة الأمل بأنّ الناشطين الثقافيين قادرون على إحداث التغيير وسط إقفال وهدم معظم الصروح الأخرى التي سبقت «مسرح بيروت». وقد نجحت المجموعة في رهانها بالعمل مع وزارة الثقافة ودفعها إلى اتخاذ قرارات وتحمل مسؤولياتها في هذا الشأن فيما لم نعتد يوماً دوراً فعالاً لوزارة الثقافة. كذلك أدى تعاون أهل الفن مع حقوقيين إلى توازي التظاهرات الفنية وضغط الشارع مع الدراسات التي أمنت المخرج القانوني لحماية «مسرح بيروت». وأخيراً والأهم، أنّ قضية «مسرح بيروت» دفعت إلى تفعيل قانون 2008/ 37 الذي كان حتى اليوم طي أدراج وزارة الثقافة وهو يحمي الممتلكات الثقافية نظراً إلى قيمتها التاريخية والثقافية والرمزية. هذا القانون سمح بإعادة افتتاح «مسرح بيروت» وقد يفتح صفحة جديدة في تأمين حماية الممتلكات الثقافية!