القاهرة | بدلاً من أن تعيد «وكالة أنباء الشرق الأوسط» حساباتها بعد تقارير اتهمتها بالانحياز إلى المرشح الرئاسي المصري أحمد شفيق، سار رئيس مجلس إدارة الوكالة عادل عبد العزيز في الاتجاه المعاكس، وقرر إنهاء خدمة نائبه النقابي المعروف رجائي الميرغني بنحو تعسفي. وقد احتج الصحافيون أول من أمس أمام مقر الوكالة الرسمية في القاهرة بسبب انحياز وكالة أنباء إلى النظام السابق، وبث أخبار تسيء إلى المتظاهرين في ميدان التحرير أثناء الثورة.
وإذا لم يكن الأمر مستغرباً أثناء حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، إذ كانت حالها كأحوال باقي الصحف الحكوميّة، فإن بقاء الوضع على ما كان عليه سابقاً يدعو إلى الاستغراب. هكذا، لم يجد القائمون على الوكالة ورئيس تحريرها عادل عبد العزيز أي غضاضة في الانحياز السافر إلى المرشح الرئاسي أحمد شفيق، وهو الانحياز الذي لا يلمسه القارئ العادي الذي لا تصله مواد الوكالة، بل تحصل عليها الصحف المصريّة والعربيّة.
«الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان» أصدرت أخيراً تقريراً يرصد المخالفات. وما أن نشره النقابي المعروف رجائي الميرغني أحد أبرز الصحافيين العاملين في الوكالة، حتى أصدر رئيس التحرير قراراً بانهاء خدمته بشكل تعسفي. علماً أنّ قراراً مماثلاً يوجب الرجوع إلى المجلس الأعلى للصحافة ومجلس إدارة الوكالة. ويأتي الاستغناء عن خدمات الميرغني قبل الموعد النظري للبت في قرار تجديد عمله في أيلول (سبتمبر) المقبل، وهو ما دفع عشرات الصحافيين، إلى تنظيم وقفة احتجاجيّة يوم الأحد أمام مقر الوكالة الشهير في وسط القاهرة.
لم يسحب قرار فصل الميرغني البساط من القضية الأصليّة، وهي انحياز الوكالة غير المهني لأحد المرشحين للرئاسة، كما رصدته «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان» التي يديرها الناشط الحقوقي جمال عيد. فقد أكد التقرير الصادر عن الشبكة الذي تجاهلت الوكالة الرد عليه حتى الآن، أنّ عبد العزيز يشرف بنفسه على كل المواد المنشورة حول حملة الفريق أحمد شفيق، وأن مدير مكتبه ينظّم النشاطات الدعائيّة له داخل الوكالة. وقبل أسبوع، اتُّهمت الأخيرة بتمديد خدمة ارسال الأخبار عن موعدها الرسمي كي تتمكن الوكالة من نشر تصريحات شفيق على قناة «سي. بي سي» ضمن لقاء انتهى عند الرابعة فجراً. كذلك عوقب أحد الصحافيين بسبب نشره خبراً عن ملونيّة تطالب بعزل الفريق شفيق، كآخر رئيس وزراء عيّنه الرئيس المخلوع حسني مبارك. ووصف تقرير الشبكة أنّ الوكالة كانت صاحبة السقطة المهنية التي تسبّبت في نشر خبر فوز أحمد شفيق في الجولة الأولى للانتخابات قبل سحبه من الديسك المركزي. واتهم التقرير عبد العزيز شخصيّاً بالاستقواء بالقوات المسلحة والمخابرات العامة، وبالهجوم المستمر على أنصار الثورة عبر الوكالة. وكانت الفترة الأخيرة قد شهدت ما يمكن وصفه بالتضييق على الأصوات الإعلاميّة المعارضة لشفيق في القنوات والصحف المختلفة. وقام ممثلو حملة شفيق بزيارة المسؤولين عن الأخبار في التلفزيون المصري مطالبين بإبعاد التغطية عن الأخبار السلبية. هذا الأمر قام به أيضاً ممثلون عن حملة المرشح الاسلامي محمد مرسي ليؤكدوا بذلك على الغياب التام لاستقلالية الاعلام في مصر حتى بعد الثورة.