دمشق | رغم أنّها حديثة العهد مقارنة بأغلب البلدان العربية، إلا أنّ شبكة الإنترنت في سوريا تعاني دائماً من «صداع» يتمثل في انقطاعات متكررة و«غياب عن الوعي». الشباب السوري الذي وجد في الشبكة العنكبوتية بديلاً عن الكثير من الخدمات «الغالية» و«المفقودة»، فوجئ أخيراً بانقطاع عام للشبكة استمر ثلاثة أيام في المحافظات والمناطق السورية. استراحة محارب «طويلة»، اضطر متصفحو الإنترنت السوريون إلى أخذها، بعد مواظبتهم يومياً لأكثر من عام على دخول مواقع التواصل الاجتماعي لمواكبة الأحداث التي تشهدها البلاد أوّلاً بأوّل. للاستفسار عن الأمر، اتصلت «الأخبار» بالعديد من مزودات الإنترنت الخاصة، وزارت مكاتب أخرى، وحاولت أن تحصل على تصريح أو تفسير من المؤسسة العامة للاتصالات السورية، لكن المسؤول في المؤسسة فضل إغلاق الهاتف وعدم تقديم أي تبرير أو تفسير منطقي. مجمل التفسيرات الخجولة والمترددة، يمكن تلخيصها بـ«إجراء بعض أعمال الصيانة الدورية نتيجة عملية توسيع المقاسم، لتستوعب أعداداً أكبر من المشتركين». تترافق هذه العبارات مع الاعتذار الشديد من جميع المشتركين عن جملة هذه الأعطال «الخارجة عن إرادتنا». كما تقدّم الشركات «وعوداً قاطعة» بحل المشكلة في أقصى سرعة ممكنة.
لا يجد مستخدمو الإنترنت السوريون في تلك الأعذار، مبرراً مقنعاً لهذه الممارسات التي أحدثت مفارقة كبيرة في الشارع بسبب تزامنها مع توصية وزراء الخارجية العرب القاضية بحجب القنوات السورية عن قمري «عربسات» و«نايلسات». ويأتي هذا في وقت تواصل فيه أجهزة الرقابة السورية حجب العديد من مواقع الصحف العربية والعالمية مثل «القدس العربي»، ومواقع إلكترونية معارضة لسياسة النظام، ربما أكثرها شهرة «كلنا شركاء» الذي يترأس تحريره أيمن عبد النور. منذ العام الماضي، سجّل الموقع أعلى نسبة تصفح من قبل الشباب السوري المعارض. وبغض النظر عن المحتوى الساذج والسطحي الذي يقدّمه، يبدو أنّ «كل ممنوع مرغوب».
في ظل ممارسات الحجب المستمرة منذ سنوات، احترف الشباب السوري عملية اختراق حاجز الرقابة من خلال طرق وأساليب مختلفة، أهمهما برامج «كسر البروكسي» التي تتيح له التصفح بحرية تامة، لكن شرط توافر شبكة الإنترنت التي تحرمه منها «الجهات المختصة» متى أرادت وبحسب مزاجها المتماشي مع الوضع الراهن الذي لا يبشّر بحلّ قريب للأزمة السورية.