ستترافق تظاهرة «أجمل أيام حياتي» مع معرض لملصقات الأفلام الـ11 في صالة «متروبوليس أمبير صوفيل». عبر هذه الأفيشات، سنستعيد الملصقات التي كانت توضع على أبواب الصالات، وفي الشوارع ترويجاً للأفلام المعروضة. إنّها صور أبطال يعودون إلى بيروت بفضل عبودي أبو جودة الذي يجمع ملصقات الأفلام منذ عام 1974. نلاحظ اليوم أنّ هواة أفيشات السينما القديمة يشترونها ليؤرشفوها، أو يعرضوها في الحانات، أو حتى في غرف نومهم. لكن حين بادر عبودي أبو جودة (1958) الى جمع تلك الملصقات، كان اهتمامه ينحصر فقط في جمع صور الممثلين الذين يحبّهم، سواء في الأفلام العربية مثل فيروز وعبد الحليم، أو في الأفلام الأجنبية.
لم يكن «مشروع» عبودي ينطلق من معرفته بأن هذه الأفيشات ستكون ذات أهمية عالية في وقت لاحق، وأنها ستكون هدفاً لدى أجيال لم يتسنّ لها معايشة تلك الحقبة. مع ازدياد تعلقه بالفن السابع، تحوّل أبو جودة من حب النجوم إلى حب المخرجين. دخوله مهنة الطباعة التي لا يزال حتى اليوم يمارسها (صاحب «دار الفرات»)، لفت انتباهه إلى الملصق السينمائي. لاحظ أن طباعته ليست سهلة. كانت الأفيشات تُطبع في مصر، حتى بعد انتقال الإنتاج إلى بيروت بعد التأميم، بواسطة ماكينات قديمة تعود إلى الثلاثينيات، تطبع كل لون على حدة. وقد تستغرق هذه العملية 25 يوم طباعة، قبل إرسال الملصقات إلى بيروت، وتعليقها في الشوارع. كانت الأفيشات مميزة بسبب حدّة ألوانها ونقاء صورتها، ولم تنتقل الطباعة الى بيروت إلا في الثمانينيات مع آلة «الأوفست» التي كانت تطبع الأفيش مرة واحدة بكل ألوانه... «وهذا ما أفقد الملصق رونقه» حسب عبودي. تُمْكن هنا المقارنة مثلاً، بين بوسترين لفيلم «أهلا بالحب» الذي أعيد طبعه في بيروت باللون الأصفر مع التقنية الجديدة، بينما الملصق نفسه موجود باللون الأبيض بتقنية الثلاثينيات. كان أبو جودة يمر بصالات السينما، ويجمع ملصقاتها، إضافة إلى جمعه ملصقات الستينيات والخمسينيات. لكن مع بدء الحرب الأهلية عام 1975، اعتكف في منزله. انحصرت عمليات البحث بأفيشات السينما العربية فقط. رأى عبودي فيها «توثيقاً مهمّاً لتاريخ السينما العربية». وصل عدد ملصقاته إلى الآلاف، تنقلت معه من منزله الأول في برج حمود إلى الثاني في الحمرا، ثم إلى ثالث في الحمرا أيضاً، قرب دار «الفرات»، حيث يضعها في غرفة خاصة تحت الأرض. هي «جنّته الصغيرة» كما يقول. «لا تعكس فقط حبي للسينما، بل تعيدني إلى لحظات حميمة قضيتها في بيروت». مجموعة أبو جودة سيتسنى لنا التعرف إلى عدد قليل منها في «أجمل أيام حياتي». وهي تعد جزءاً من مجموعة في طريقها إلى الصدور في كتاب يروي سيرة السينما العربية وتاريخها من خلال الملصقات.