العلاقات الثنائية بين الجزائر وإسرائيل، تشهد تطوراً منذ مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم عام 1999، هو الذي لم يجد حرجاً في مصافحة إيهود باراك في المغرب. وخلال السنوات الخمس الماضية، كثرت الزيارات الخاصة التي أجراها كتّاب ومثقفون جزائريون الى تل أبيب، آخرهم بوعلام صنصال وفرحات مهني. صنصال (1949) الذي حلّ «ضيف شرف» على «مهرجان الكتّاب الدولي» في مناسبة «الاحتفال بإعلان تأسيس إسرائيل» علّق في مقال صحافي: «ذهبت إلى القدس وعدت منها سعيداً ومطمئناً».
لو عدنا قليلاً إلى مسيرة صاحب «قرية الألماني أو مذكرات الأخوين شيلر»، فلن يفاجئنا إقدامه على زيارة دولة محتلة. منذ أكثر من عشر سنوات، يعاني صنصال تهميشاً من قبل المثقفين الجزائريين في الداخل، الذين لم يتوان بعضهم عن تلفيق التهم المجانية له، فيما يشتهر صنصال بالبحث عن «الإثارة الإعلامية». رغم عدائه للتيار الإسلاموي، إلا أنّه قَبِل أن يعيَّن لمدة عام ونصف عام مستشاراً لدى وزير الصناعة الجزائرية الأسبق أبوجرة سلطاني، زعيم الحزب الإسلاموي «حركة مجتمع السلم»، كما يميل إلى الترويج لنفسه في الخارج باعتباره «الضحية» الذي سرِّح من عمله في وزارة الصناعة الجزائرية بسبب رواياته. والحقيقة أنّه هو الذي طلب تقاعداً مسبقاً بعدما دخل الوزارة عام 1992. رغم كل ما يعاب على صنصال، إلا أنّ ذلك لا ينفي أهميته على صعيد الرواية المغاربية، وخصوصاً الجزائرية منها. فضل صاحب «حراقة» على الرواية، لا يقل أهمية عن فضل فرحات مهني في الدفاع عن الهوية الأمازيغية. إنّه أحد المقرّبين من كاتب ياسين، وأحد الأسماء الفنية الذي وظّف صوته وحياته في خدمة الأمازيغ ودعم حقوقهم في الجزائر. مهني أيضاً زار اسرائيل الشهر الماضي، والتقى بعضاً من أعضاء الكنيست، بوصفه مناضلاً سياسياً ورئيساً للحكومة المستقلة لمنطقة للقبائل. علماً أنّها حكومة أُعلن تأسيسها على نحو أحادي في باريس قبل حوالى عامين. صحيح أنّ فرحات مهني أدى دوراً مهماً في التعريف بالقضية الأمازيغية، إلا أنّ الزلات والهفوات السياسية التي سقط فيها خلال السنوات الماضية، سلبته الكثير من المشروعية. الركض وراء استقلال منطقة القبائل، وتأسيس دولة منفصلة عن الجزائر أثار حفيظة أبناء المنطقة أنفسهم، وحرّك سخطاً على المغنّي.
عاد مهني من إسرائيل محمّلاً بحلم تقسيم الجزائر، وعاد منها بوعلام صنصال، ليجد في استقباله جائزتين أدبيتين: «جائزة الرواية العربية» التي يمنحها «مجلس السفراء العرب» في باريس، وجائزة «رواية ـــ نيوز» الفرنسية، ومقالاً للسينمائي جان بيار ليدو يشبّهه فيه بالكاتب الطاهر جاووت! بعدها طار صنصال الى براغ، حيث شارك في معرضها السنوي للكتاب، واستحضر ذكرى زوجته الأولى التشيكية، كاشفاً عن خيبته من الربيع العربي، ومصراً على عدم الاعتذار لمن أساء اليهم بزيارته الى دولة الأبارتايد.