بعد ربع قرن على رحيل داليدا (1933ــــ1987)، حان الوقت لولادة فيلم يحكي قصتها بعنوان «داليدا»، تؤدي بطولته النجمة الفرنسية المغربيّة الأصل نادية فارس، ويُخرجه الفرنسي ذو الأصول التونسيّة مبروك المشري (1977) من إنتاج شركة «باتي» الفرنسيّة. الشريط الذي ينطلق تنفيذه في نهاية العام الجاري، يأتي بعد أعوام على الفيلم التلفزيوني الفرنسي الإيطالي الذي أدّت بطولته سابرينا فريللي، وقدّم حكاية داليدا في جزءين، راصداً قصة إحدى الأيقونات الشعبية في الغناء. أما هنا، فسنشاهد حكاية طموح ممزوج باليأس والفرح وبالألم، قصة نجمة كانت حياتها ملأى بالخيبات والكآبة، رغم كل المجد والشهرة التي حظيت بها.
إنّها حكاية داليدا منذ ولادتها ونشأتها فى حي شبرا في مصر، وحياتها الفنيّة ورحلاتها الغراميّة التي امتلأت بالأحداث المؤلمة والمآسي. وسيتم تصوير الشريط في الأماكن التي عاشت فيها النجمة، أي بين مصر وإيطاليا وفرنسا بشكل أساسي.
يخوض المشري، هنا، تحدياً دقيقاً ومختلفاً، لا يتمثل في تقديم عمل يطرح سيرة نجمة، لأن المخرج الشاب حصل على فرصته الحقيقيّة يوم قدّم شبه سيرة للنجم جان كلود فاندام في فيلم JCVD (كان فاندام نفسه البطل)، ما يعني أنه اختبر رصد حياة المشاهير في السينما. المختلف هذه المرة هو اسم داليدا التي شكّلت حياتها وأغنياتها ونجوميتها ورحلة عذاباتها وآلامها، وصولاً إلى لغز انتحارها، مادة دسمة للصحافة طوال السنوات الماضية. وبالطبع، لن يتجاهل الشريط علاقاتها الغرامية بالمغني الإيطالي لويجي تانكو الذي انتحر بعد أيّام على إعلان نيتهما الزواج عام 1967، ومحاولتها هي الانتحار بعده للمرّة الأولى، ثم خضوعها لعلاج نفسي دام شهوراً عدّة. وبالإضافة إلى عذابات صاحبة «حلوة يا بلدي» التي شغلت العالم، سيركز الشريط على علاقاتها العاطفيّة العابرة وغير المستقرة، وصولاً إلى انتحارها في ظروف غامضة في باريس يوم 2 آذار (مارس) 1987، تاركة رسالة تقول فيها «الحياة لم تعد تطاق». يومها، اعتبرت التقارير أن سبب الانتحار هو قصة حب فاشلة، كانت تربطها بشاب يصغرها سنّاً، بينما أكدت معلومات أخرى أنها كانت تخشى تقدم العمر، واضعة نصب عينيها صورة النجمة الأميركية الأشهر مارلين مونرو.
يرصد الشريط أيضاً حلم داليدا بالنجومية منذ الطفولة. بدأ يتحقق هذا الحلم عندما فازت في مسابقة ملكة جمال Miss ondina عام 1951، فتيقّنت أنّ لديها الفرصة في المشاركة في مسابقة ملكة جمال مصر، وقد فازت فعلاً باللقب عام 1954 وحقّقت نجوميّة استثنائيّة أوصلتها إلى العالميّة. وسيركز العمل السينمائي أيضاً على سطوع نجم داليدا مع تقديمها أكثر من 500 أغنية، بتسع لغات مختلفة منها الفرنسية والإسبانية والإيطالية والألمانية والعربية والعبريّة و12 فيلماً سينمائيّاً، وحصولها على ألقاب وأوسمة عدة، ثم تكريمها من الجنرال ديغول الذي منحها ميدالية رئاسة الجمهورية، وتكريمها من الحكومة الفرنسية عبر وضع صورتها على أحد الطوابع البريديّة إثر رحيلها، وصولاً إلى إقامة تمثال لها في مقبرة مونمارتر في باريس عام 2001.
تقع على عاتق المخرج الفرنسي مسؤوليّة تقديم شريط يليق بالنجمة العالميّة الراحلة، مراهناً على نادية فارس، النجمة الفرنسيّة التي هجرت المغرب مع أسرتها إلى باريس، سعياً وراء الشهرة والأضواء بعدما تبنّتها شركة إنتاج تلفزيوني فرنسيّة. تعتبر فارس أن «داليدا سيكون فيلم عمري» رغم أن فرصتها السينمائيّة الأولى أخذتها مع المخرج الفرنسي كلود لولوش في فيلم «رجال ونساء: طريقة الاستعمال» (1996).
هل يقدم الشريط حكاية داليدا بالصورة التي يعرفها عشّاقها، أي بقوتها وضعفها، بنجوميتها وخيباتها، بلحظات انتصارها وانكسارها، أم سيقع في فخ الإثارة الذي وقعت فيه أعمال سينمائيّة وتلفزيونيّة كثيرة، تناولت حياة النجوم في العالمين العربي والغربي؟