مثّلت السينما اللبنانية مادة بحث لهادي زكاك، نظر اليها كذاكرة بديلة عن أخرى ضاعت أو أتلفت، ورأى في هويتها، هوية بلد وشعب. بعد تخرجه من «معهد الدراسات المسرحية والسمعية والبصرية» في «الجامعة اليسوعية» عام 1997، أصدر كتاب «السينما اللبنانية ــ سينما نحو المجهول 1926 1996» باللغة الفرنسية. هنا، وثقّ مراحل الفن السابع اللبناني بوصفه معبراً الى لبنان ومجتمعه وتناقضاته.ومن عدسة مخرجين لبنانيين وعرب وأجانب، ولّف رحلة في فيلم «لبنان من خلال السينما» (15 د) الذي اقتصر على مقتطفات من أفلام منذ الخمسينيات حتى عام 2001. وقد صدر عام 2003 الى جانب شريطه «سينما الحرب في لبنان» عن ارتباط الحرب بالفيلم اللبناني. بحث زكاك أيضاً في أطلال بيروت، فلم يجدها. لقد أزالتها جرافات إعادة الإعمار، فاستعان بذاكرة خمسة فنانين وبنظرتهم الى التحوّل الذي استهدف العاصمة في «بيروت وجهات نظر» ( 32 د ــ 2000). بعدها، توجه الى جنوب لبنان في فيلم «غير وجهتك، انطلق جنوباً» (29د ـ 2005) راصداً حياة الناس في القرى الجنوبية بعد خمس سنوات على تحريرها من الاحتلال.
ضاقت مساحة الرحلة ليحطّ في المخيمات الفلسطينية: «لاجئون مدى الحياة» (52د ـ 2006) أضاء على المخيمات، مستطلعاً المشاكل والعوائق القانونية الاجتماعية والصحية التي يواجهها الفلسطيني المقيم في لبنان. أما في عدوان 2006، فقد رصد زكّاك إحدى النتائج الكارثية لـ«التسرب النفطي في لبنان» (43 د ـ 2007) الذي نال جائزة أفضل وثائقي في «ﺍﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻥ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻲ ﻭﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﻲ ﻟﻸﻓﻼﻡ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ» في إيطاليا. بعدها، عمل على ثلاثية (كل منها) تسائل مستقبل بلد يعيش الانقسام الداخلي بعد عام 2005 من خلال «حرب السلام» (2007) و«أصداء شيعية من لبنان» و«أصداء سنية من لبنان». واصل زكاك بحثه عن أسباب الانقسام اللبناني الحاد الذي كان أبرز تجلياته «درس في التاريخ» (52 د ــ 2009). رصد الشريط اختلاف وجهات النظر بين الطوائف إلى تاريخ لبنان الحديث... اختلاف تمثّل في غياب كتاب التاريخ الموحّد في المناهج الدراسية.
عاد هادي زكاك الى بيروت، جال في شوارعها ليروي يوميات العاصمة من خلال ثلاثة سائقي أجرة في «تاكسي بيروت» (52د ـــ 2011)، وها هو يقدّم فيلم «مارسيدس» (2011) الذي يحكي تاريخ بلد من خلال سيارات المارسيدس.