الرباط | اعتادت الرباط مشاهدة مئات الآلاف من سكان المدينة والمدن المجاورة يحجّون إلى منصات عروض «موازين». الأمر طبيعي وحفلة فرقة الـ «سكوربينز» التي افتتحت الدورة الـ11 لم تكن استثناءً. جزء من الأسماء التي حضرت إلى المهرجان، أسهم في دعوتها المنتج الموسيقي المغربي نادر بلخياط المعروف بـ «ريد وان»، الذي يعمل إلى جانب أبرز نجوم الموسيقى العالمية كـ U2، بيت بول، جينفير لوبيز، ليدي غاغا... حسب بعض الأوساط المتابعة لـ «موازين»، فإنّ بصمة المنتج المغربي الشاب كانت واضحة على البرمجة الموسيقية الغربية في الدورة الحالية.
ومن المعالم البارزة أيضاً للدورة حضور عدد كبير من نجوم الموسيقى العربية: أصالة، مروان خوري، نعيمة سميح، فضل شاكر، عبد الله الرويشد، هاني شاكر، نانسي عجرم، وائل كفوري، أنغام، كريمة الصقلي... حضور المغنين العرب كان ذا طعم خاص هذه السنة، بعدما استغلوا منصة المهرجان لإطلاق مواقفهم السياسية «الملتهبة». أصالة وفضل شاكر انتقدا بشدة النظام السوري: فضل شاكر شتم بشار الأسد، بينما أهدت أصالة أغنياتها إلى «الثوار».
تصريحات المغنيَين دفعت المسؤول عن البرمجة العربية في «موازين» محمود لمسفر إلى التصريح بأنّ إدارة المهرجان «تتبرأ» من كل التصريحات السياسية للفنانين، قائلاً إنها تعنيهم، ولا يساندها مهرجانه.
الحرج الذي وقعت فيه إدارة المهرجان دفعها إلى الطلب من الصحافيين الذين حضروا ندوة ماريا كاري عدم طرح أسئلة سياسية. من جانبها، أعلنت المغنية المصرية أنغام أنها لم تصوّت في الانتخابات الرئاسية لكونها في المغرب. أما مواطنها هاني شاكر، فلم يتردد خلال حفلته بمبايعة العاهل المغربي محمد السادس بأغنية تمتلئ بالمديح له. أيضاً، فإنّ الشاب خالد، لم يتردد في الإعلان عن رغبته في فتح الحدود المغربية الجزائرية. خالد المعروف بحبّه للمغرب (زوجته مغربية) حقّق أعلى رقم في المهرجان، إذ حضر أكثر من 175 ألف متفرج لمشاهدته يؤدي أغنياته المنتشرة في المغرب.
لم تغفل برمجة الدورة المغنين المغاربة، والساحة الموسيقية الشابة، فقدمت عروضاً في أماكن متفرقة من الرباط. إذاً، كسب «موازين» رهانه مرة أخرى بعدما استحوذ على معظم الدعم المالي الذي تمنحه المؤسسات الخاصة والعامة للأنشطة الثقافية، ما خنق الكثير من المهرجانات. ولهذا السبب تحديداً، يطلق المغاربة لقب «غول المهرجانات» على «موازين». بعدما كانت هناك خريطة واضحة للمهرجانات في مختلف المدن، أصبح «موازين» هو «الحدث الثقافي» الوحيد في المملكة. اختنقت مهرجانات أخرى وألغيت، فيما اضطرت أخرى إلى تدبر أمرها، وإلغاء برمجة الأسماء الدولية لمصلحة الأسماء المحلية أو أخرى مغمورة وشابة. أما مؤسسة «مغرب الثقافات» المنظمة للحدث، فتستغل قربها من المؤسسة الملكية لفرض شروطها حسب الكثير من المتابعين.
مع ذلك، لم يتعرّض المهرجان هذه السنة لحملة مقاطعة شرسة كما في الدورات الأخرى. إسلاميو «العدالة والتنمية» الذين لطالما أعلنوا عداءهم له، واستغلوه كورقة انتخابية، صمتوا هذه السنة عن أسلوب إدارته، فيما لم تخرج حركة «20 فبراير» إلا بمواقف «محتشمة» بعد الضربات المتلاحقة التي تعرضت لها في الأشهر الأخيرة، وكسرت شوكتها. يبدو أنّ «الغول» لن يتوقف، وسيحصد الكثير من الميزانيات، ورؤوس المهرجانات الأخرى المحتضرة.