لأن ثورة البحرين لم تحرّك الصحافيين الغربيين حتى مع سحق الدبابات السعودية للمتظاهرين، بات أي تحقيق ينشر عن البحرينيين في الإعلام الغربي أمراً نادراً، لكنّ الصحافة الأميركية «تجرّأت» أخيراً على طرح أسئلة ساخنة عن المملكة وثورتها المنسية من خلال ثلاث مقالات: تحقيق مجلة «فورين بوليسي» من داخل «الجزيرة السجن» لتولين مالينوسكي، ومقال «ذي نيويورك ريفيو أوف بوكس» لجوست هيلترمان، وصفا حالة المتظاهرين في ظل النظام البحريني القمعي ووحشية الشرطة، وأدانا الموقف الأميركي الصامت تجاه «دكتاتوريات الخليج».
المقالان حذّرا أيضاً من تصاعد حدّة الانقسام المذهبي في البلد. واتهم هيلترمان النظام البحريني بـ«تحويل التحركات المطلبية السلمية إلى نزاعات مذهبية تحرّكها إيران».
أما «ذي نيويورك تايمز»، فكان لها رأي آخر حين ألقت اللوم على الثوار البحرينيين في سبب المشاكل الحاصلة في الجزيرة، داعية إياهم إلى التراجع عن تحركهم «لأن الملك يقوم بالإصلاحات». مقال الصحيفة الأميركية يأتي بعد عام من التململ في تغطية أخبار الثورة المنسيّة، مقارنة بالحشد الصحافي الذي قادته وزميلاتها في الإعلام الأميركي السائد، لدعم الحرب على ليبيا، والسعي إلى إسقاط النظام السوري. وفي مقابل محاولة ثوار البحرين رفع أصواتهم للحيلولة دون طمس قضيتهم، اختارت مراسلة الـ «تايمز» في المنامة، سعاد مخنّت، عنواناً لتحقيقها هو «فقدان الثقة بالمتظاهرين البحرينيين».
قررت مخنث أن توصل أصوات 3 نساء أجنبيات يعشن في البحرين، ممن «فقدن ثقتهن بالثوار وبقضيتهم»، واتهمنهم بإثارة كل المشاكل الطائفية والاجتماعية والأمنية التي تسود الجزيرة. هكذا، انقلبت الضحية جلّاداً في مقال مخنّت، وبدا النظام سائراً بخطى حثيثة لتنفيذ الإصلاحات، لكن «الثوار الشيعة» يمنعونه من تحقيق ذلك.
نُشر مقال مخنّت ضمن فقرة «العامل النسائي» التي تهتم بأحوال النساء في العالم، وتضيء على مساعيهنّ لتطوير الأوضاع في بلادهن. «قبل الثورة، كان بإمكاننا أن نرتدي ما نشاء ونقصد كل الحانات والمطاعم مع أصدقائنا... الحياة كانت سهلة»، تقول آبي نافار، إحدى النساء الثلاث اللواتي تحدّثن في المقال. وتشرح مخنّت أنّ النساء حاملات الجنسيات البريطانية والأميركية، تعاطفن مع الثوار في البدء بسبب التمييز الطائفي اللاحق بهم، لكنهن فقدن الثقة بقضية المتظاهرين منذ أشهر. لماذا؟ ثمة سببان: الأول أنّ النساء أبدين «امتعاضاً» من «الطريقة العنيفة» التي ما زال المعارضون ينتهجونها للوصول إلى الحرية «مثل رمي قنابل المولوتوف والحجارة على الشرطة وإحراق الإطارات في الشارع». وقالت إحداهن «بالنسبة إليّ هم بلطجية». وأضافت أخرى «تخيلوا لو أنّ متظاهرين ألقوا مولوتوف في واشنطن دي سي أو في نيويورك... كيف سيكون رد فعل الشرطة؟». السبب الآخر أنّ «الملك البحريني بدأ فعلياً بتطبيق الإصلاحات، لذا على المتظاهرين العودة إلى حياتهم وإعطاء الفرصة للنظام». إحداهن لا تنسى التذكير بأن «سماح الملك للجنة تحقيق بتقصي الحقائق حول الأحداث أمر لا يفعله الكثير من القادة». واشتكت النساء أيضاً من النزعة الطائفية التي عمّت في البحرين بعد التحركات، في إشارة إلى مسؤولية المتظاهرين عنها... فهل بدأت حملة تلميع صورة ملك البحرين في الإعلام الغربي بعد محاولات دفن الثورة؟