أخيراً، أصبح للصحافيين البحرينيين جريدتهم المستقلة. فقد صدرت «مرآة البحرين» من خارج الجزيرة الصغيرة، تزامناً مع اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 أيار/ مايو)، وفي وقت تداس فيه الحريات تحت مدرعات النظامين السعودي والبحريني. مع مرور سنة على الثورة، بدأ العمل في «مرآة البحرين» إلكترونياً مع طاقم صحافي، فضّل أغلبيته عدم الإفصاح عن اسمه. لكنّ العدد الورقي الأول لم يصدر إلا أمس في بيروت ليغطّي حال الصحافة والإعلاميين منذ بدء «ثورة 14 فبراير» عام 2011 حتى اليوم. في افتتاحية العدد المطبوع، أكّدت هيئة التحرير أنّ مهمة الصحيفة تتمثل في «كشف وجه الديكتاتورية المعيب، وأخباره الكاذبة». لماذا يقرأ الناس «مرآة البحرين»؟ لأنّها ستكون المرة الأولى في تاريخ الصحافة البحرينية التي يتم فيها إطلاق صحيفة مستقلة في الفضاء الحر، تكون رديفاً ومكملاً لما يحصل على الأرض من تحركات.
يأتي هذا في الوقت الذي عدّت فيه منظمة «مراسلون بلا حدود» المملكة من ضمن أخطر عشر دول على الصحافيين، بعد تعرض هؤلاء لاعتداءات وقتل واعتقالات وتعذيب في سجون ومحاكمات، ظلت بعيدة عن أعين الرقيب الدولي والعالم.
العدد الأول من الصحيفة، جاء بتصميم أنيق، وغلاف رسمه فنان بحريني معروف، فضل عدم الكشف عن اسمه بسبب وجوده داخل البحرين حتى اليوم. في المضمون، احتوت «مرآة البحرين» على محور رئيسي، هو رصد حال الصحافة البحرينية على مدى عام من الحراك الثوري في المملكة الخليفية. شمل الملف أبحاثاً ومقابلات، وقصصاً من الداخل، وتقارير بيّنت تدهور وضع الصحافة وانتصار خطابات الكراهية والطائفية بقيادة التلفزيون والصحف الرسمية المحلية. ضم العدد أيضاً مقابلة مع الإعلامي التونسي غسان بن جدو، أوضح فيها سياسة قناة «الميادين» التي يديرها وكيفية تغطيتها لـ«ثورة اللؤلؤ» المرتقبة في حزيران (يونيو). كما شمل العدد حواراً مع رئيس «رابطة الصحافة البحرينية» المستقلة عادل مرزوق، حول دور الرابطة في فضح ممارسات السلطة تجاه أصحاب مهنة المتاعب. صحافة الكلمة المستهدفة اليوم في البحرين، بدأت بطبعة من بيروت إذاً. «مرآة البحرين» التي تنشط سابقاً على bahrainmirror.com ومواقع التواصل الاجتماعي، حمل عددها شعار «الكلام أو الموت». هدف العدد ـــ كما يرى القائمون عليه ـــ هو استبدال صحافة الديكتاتور، بصحافة «المتظاهرين»، كبديل نهض على فورة المواقع الاجتماعية، ويوتيوب، والكثير من المنتديات، وجعل الشعب يتحمل مسؤولية «الصراخ في الظلام» وتنبيه العالم إلى ثورة مسكوت عنها. كما تسلّط «المرآة» على أقلام مكسورة في البحرين، ونشر قوائم التحريض التي قادها إعلاميون وصحافيون ضد زملاء لهم معارضين للنظام. أصحاب المهنة الواحدة استبدلوا نقدهم للنظام والمجتمع، بنقد بعضهم، فخسروا بذلك لقب السلطة الرابعة.