وجدتُ في ردّ أستاذنا عبده وازن تشنجاً واتهاماً لي بالكذب والافتراء، وتلك ردة فعل لا تناسب شخصية مثقفة وواعية، فالكاتب الواثق لا يتطاول على الآخرين في حال وجد نقداً حول عمله، مهما كانت مآرب ذلك الناقد. في مقالي السابق في «الأخبار»، تحدثت عن أدب الأطفال وقدّمت ملاحظاتي الفنية على «الفتى الذي أبصر لون الهواء»، ثم طرحت أسئلة مشروعة حول تقاطعات بينها وبين رواية «نزل الظلام» الصادرة قبل عام من رواية أستاذنا، خصوصاً في ما يتعلق بالحدث العام والشخصية الرئيسية.
وقد استغربت قول أستاذنا: «روايتي ليست للأطفال بل للناشئة»، فناقدنا يجهل أنّ أدب الناشئة يدرج ضمن أدب الأطفال، والجائزة التي نالها كانت في مجال أدب الطفل!
وصف أستاذنا ما قلته عن روايته «بالبطلان والسخف» وهذا لم نعتده من أولي الأدب الذين يرددون أنه يجب احترام الآراء المختلفة، وذكّر بالإجماع على رشاقة روايته! أما ما ذكره بأنّ ما كُتب عن روايته هو تلبية لغايات في النفس «وأنه الحسد حتماً»، فأقول: هذه آراء يا سيدي تحتاج إلى البيان والبرهان، ونحن نناقش أمراً ظاهراً من دون تدخل في النيات، لأنّ اتهام النيات لا يقدم شيئاً للقارئ الواعي.
صدق أستاذنا عندما قال: «أخبرني أصدقاء عرب أنّ المقالة أرسلت إلى أكثر من صحيفة فلم تنشر»، فأغلب الصحف اعتذرت «بحكم الزمالة»! وهو سبب مرعب ومخجل. ومن الأشياء المزعجة في ردّه أنه أساء أخلاقياً لصاحب رواية «نزل الظلام» التي ذكر أني استغليته في حملتي ضده، واصماً بذلك الكاتب بأنه ساذج وعلى غير دراية بما يجري حوله.
والمضحك المبكي قوله «قال لي صديق سعودي إنّ اسم الصحافي مجهول تماماً ولعله مخترع ومزيف». ولا أدري لم دعت الحاجة أستاذنا إلى سؤال صديقه السعودي، فلو بحث في «العم غوغل»، سيظهر له موقعي، ورواياتي، وبعض مقالاتي وصورتي.
لست صحافياً سيدي الكريم. أنا قارئ بسيط وكاتب مستقل، ولم أمتهن الصحافة مثلك، ولم أقبض درهماً واحداً من صحيفة ما، ولم أبع قلمي، ولم أجيّره، ولم أكتب يوماً ما يخالف ضميري. ولست من أرباب الأقلام المستأجرة التي تزيّف وتطبل، ولم أرسل أتباعاً يدافعون عند أعمالي كما حدث بعد نشر مقالتي الأولى التي تلتها مقالات تنافح عنك وعن روايتك، وبعضها نُشر في الصفحة التي تشرف عليها في جريدة «الحياة»، ثم تتحدث عن الاستغلال، عجبي! أخيراً، أحبّ أن أبيّن أن المسألة مسألة رأي لم يرق لأستاذنا. مع ذلك، يبقى هو الشاعر والناقد الجميل، لا يضيره أن يكتب نكرة رأياً في أحد أعماله!