كالعادة في هذا النوع من المشاريع، خلف النيّات الطيّبة تختبئ الفخاخ والمطبّات السياسيّة، وكلمة السرّ عادةً لا تخطئ: «الشرق الأوسط». المشروع عنوانه «ذكريات وعد: قصص قصيرة لنساء من الشرق الأوسط»، وهو أنطولوجيا يفترض صدورها في الخريف المقبل، تشتمل على 30 قصّة قصيرة بأقلام نسائيّة من المنطقة العربيّة والاسلاميّة، يعمل «مركز دراسات الشرق الأوسط» التابع لـ «جامعة تكساس» الأميركية، منذ عامين على تجميعها، ويشتغل عشرات المترجمين على نقلها إلى لغة شكسبير. المشروع كما تشير مدوّنة خاصة به، هو تحيّة إلى عالمة الأنثروبولوجيا والكاتبة والسينمائيّة الأميركيّة إليزابيث وارنوك فيرنيا (١٩٢٧ ـــ ٢٠٠٨) التي كرّست ثلاثين عاماً من حياتها لرصد حياة وثقافة وكفاح النساء في إفريقيا والمنطقة العربيّة. هكذا تحمّس عدد كبير من الأديبات العربيّات اللواتي تواصلت معهنّ محرّرة المشروع ووافقن على المشاركة بينهنّ غادة السمّان (سوريا)، إملي نصرالله، إتيل عدنان، هدى بركات (لبنان)، ليلى الصبّار (الجزائر/ فرنسا)، أمال مختار (تونس)، ابتهال سالم (مصر)، ليلى الجهني (السعوديّة)… إضافة إلى كاتبات من وتركيا وإيران و… إسرائيل. هكذا، فجأة، تغيّر معنى المشروع: صار هناك ٢٨ كاتبة من العالم العربي ـــ الاسلامي، يشاركن في كرنفال، أو حفلة تزوير وظيفتها اضفاء شرعيّة على الكيان الصهيوني الغاصب.الروائيّة الفلسطينية حزامة حبايب كانت أوّل من اكتشف وجود الكاتبتين الإسرائيليتين يهوديت هندل، وأورلي ـــــ كاستل بلوم، على قائمة المشاركات في الأنطولوجيا. ولم يكن منها إلا أن وجّهت رسالة احتجاج إلى محررة الكتاب، معلنة انسحابها من المشروع ورفضها أن «تتقاسم صوتها ومعاناتها مع كاتبتين تمثّلان رمزاً لدولة احتلال بغيضة مسؤولة عن عذابات ملايين الفلسطينيين والعرب». وكانت النتيجة فوريّة: شطب «مركز دراسات الشرق الأوسط» اسمها من الموقع، وسحبت قصّتها من الكتاب. لكنّ حبايب لم تقف هنا، بل لفتت نظر عدد من زميلاتها إلى الفخّ، وبينهنّ رضوى عاشور (مصر)، وليلى أبو زيد (المغرب) وهيفاء زنكنة العراق) اللواتي يقدن اليوم الحملة من أجل مقاطعة المشروع. في رسالتها إلى محررة الأنطولوجيا، كتبت أبو زيد أن إقحام الكاتبتين الإسرائيليتين يوحي بأنّ ««إسرائيل» مجرد دولة أخرى في الشرق الأوسط، لا قوة استعمارية» يعاني بسببها «ملايين الفلسطينيين تحت الحصار وفي السجون ومخيمات اللجوء». الرد الوحيد الذي تلقتها الكاتبات من محرّرة الأنطولوجيا، أنّها متمسّكة ببقاء الكاتبتين الاسرائيليتين حتّى لو أدّى الأمر إلى إلغاء المشروع. وبما أن الشرخ واسع إلى هذا الحدّ بين الطرفين، فسيؤدّي حتماً إلى وأد المشروع. التحرّكات جارية حالياً بغية توضيح الصورة لسائر الكاتبات، لاسقاط هذه المبادرة التطبيعيّة.