«زميلاتي الصحافيات، اخترن الأشخاص الذين ستضاجعنهم بحكمة لأنّ كل واحدة منكن قد تصبح سيّدة فرنسا الأولى». هذه التغريدة الذكورية، مثّلت محطة مفصلية في مسيرة الصحافي الفرنسي بيار سالفياك (1946)، وحوّلته إلى حديث الإعلام في مدينة الأنوار. كتب المعلّق الرياضي في RTL هذه التغريدة أول من أمس على حسابه الخاص على تويتر، في إشارة إلى الصحافية فاليري تريرفيلر، صديقة الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند. أثارت هذه الجملة سخط الفرنسيين، الذين انهالوا بتهم العنصرية والشوفينية على المعلّق الرياضي المتخصص في رياضة الركبي. وكما هو متوقّع، علت أصوات الاستنكار من مواقع التواصل الاجتماعي، وشُغل العديد من زوّارها بالتعليق على الموضوع، مطالبين إدارة «أر. تي. أل»، التي يعمل لديها سالفياك بـ«التصرّف فوراً».
وما هي إلا دقائق حتى دانت إدارة المحطة كتابات سالفياك من خلال تغريدة كتبها مديرها العام جاك إينو، توجّه بها إلى سالفياك مباشرةً، مؤكداً أنّ التغريدة التي كتبها «غير مقبولة إطلاقاً ولا يمكن تحمّلها، وأرى فيها تمييزاً جندرياً مبتذلاً أدينه أشدّ إدانةً». جاء ذلك قبل أن يعلن جاك إينو في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية «التوقف عن أي شكل من أشكال التعاون مع سالفياك».
قرار المحطة أتى حاسماً وسريعاً، لكنّه لم يهدئ السجالات الإلكترونية حتى الآن، على الرغم من الاعتذار الذي قدّمه الإعلامي الستيني. بعد ساعتين على تغريدته التي أقامت الدنيا، عاد سالفياك ليعتذر على تويتر، كاتباً: «عبر مزحة أطلقتها، يبدو أنّني جرحت زميلاتي الصحافيات. أتقدّم منهن بالاعتذار، وأسحب تغريدتي»، لكنّ بالنظر إلى تاريخ سالفياك، فليس غريباً أن يقع في سقطة مماثلة في مواقف أخرى، إذ إنّها ليست المرة الأولى التي يطلق فيها تصريحات عنصرية ومثيرة للجدل. في 14 كانون الثاني (يناير) الماضي، تناول المذيع السابق في راديو «فرانس إنترن» مسألة زواج المثليين في فرنسا عبر إحدى تغريداته، معقّباً على استطلاع للرأي نشرته مجلة «باريزيان» الفرنسية أفاد أنّ 63% من الفرنسيين يؤيدون زواج المثليين. وهنا، شدّد سالفياك في تغريدته على أن المسألة «لن تنجح»، مُطلقاً تصريحات تنضح برهاب المثلية، ما دفع «اتحاد الرياضيين المثليين» إلى إصدار بيان استنكار شديد اللهجة، أعلن فيه أنّ خروج هذه التصريحات عن صحافي بحجمه «يعدّ إهانة كبيرة، وخصوصاً في ظل معاناة الفرنسيين من عدم المساواة والتمييز».


تغريدة الإعتذار


إثر هذه الحادثة، علت أصوات كثيرة تنادي بسحب بطاقة سالفياك الصحافية «لأنه لا يستحقها»، وعمد الرجل آنذاك أيضاً إلى إزالة التغريدة. صحيح أنّ تغريدات سالفياك متسرّعة ومستهجنةً وتمتلئ عنصرية وذكوريةً، إلا أنّ هذا الأمر يطرح أيضاً العديد من علامات الاستفهام حول مدى صوابية محاسبة الشخصيات العامّة على مواقفها، بسبب تعليقات كتبتها على صفحاتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل ستتغير القوانين الداخلية في المؤسسات الإعلامية لتشمل كل ما يقوله الإعلامي الموظّف على الشبكة العنكبوتية؟ وهل يجد الصحافيون أنفسهم في المرحلة المقبلة، مجبرين على توقيع تعهّدات، أو تقديم ضمانات إلى مؤسساتهم، بعدم الوقوع في هذا النوع من الهفوات، أو ممارسة الرقابة الذاتية عند خروجهم إلى الفضاء الافتراضي، لتجنيب أنفسهم كل هذه البلبلة؟