بغداد | وجه ثانٍ لبغداد خطّت ملامحه نشاطات تتميّز بجرأتها واقترابها من المجتمع، على رأسها «مهرجان السينما المتنقلة الثالث» الذي يجول المحافظات وتقام عروضه بين الشوارع والأزقة بمبادرة من «المركز العراقي للفيلم المستقل» (منظّمة غير حكوميّة) و«مؤسسة عراق الرافدين». الجمهور البغدادي كان على موعد مع الفيلم الوثائقي «في أحضان أمي» (الصورة) للمخرجين عطية ومحمد الدراجي. يوثّق الشريط لمعاناة مجموعة من الأطفال اليتامى يسكنون داراً مستأجرة يطالبهم صاحبها بمغادرتها.
ساحة التحرير، هي الأخرى، كانت على موعد مع فيلم «كرنتينا» لعدي رشيد. يحمل العمل عنوان أحد الأحياء التي شهدت أهوال العنف الطائفي بعد عام 2006. الشريط الروائي مكرّس للإضاءة على كم العنف الذي ظهر بعد عام 2003. تجري الأحداث في بيت تسكنه عائلة مهجرة وقاتل يعيش في الطابق العلوي هنا.
وبعد «كرنتينا» عدي رشيد، شاهدنا أيضاً تحت نصب الحريّة، فيلم «ريكورد» الذي يروي حكاية شاب يحاول تفجير نفسه في محطّة لنقل الركاب. وفي نادي الصيد بجانب الكرخ في بغداد، كنّا على موعد مع فيلم «ابن بابل» لمحمد الدراجي عن التغييب القسري والمقابر الجماعيّة والمصالحة الوطنيّة. («الأخبار»، 14/6/2010).
الى جانب ذلك، شهدت ساحة الفتح في بغداد عرض وثائقي «كولا» للمخرج الشاب يحيى العلاق. يحكي العمل مأساة فتاة تدفعها ظروف عائلتها إلى التنكّر بزي صبي كي لا تتعرّض للتحرّش في الشارع وهي تجمع علب الكولا والبيبسي الفارغة لتبيعها، فيما يأخذنا المخرج حسن علي محمود الى كردستان العراق عبر فيلمه «حيّ الفزّاعات»، حيث الفتى ميران الإقطاعيّ الكرديّ الذي يستغل أهل قرية مجاورة لمزارعه، فيخزن محاصيله عندهم ويجبرهم على صناعة فزّاعات يبعد بها أسراب الغربان التي تجتاح مزارعه. ولأنّ ذلك لم ينفع، يأتي بأبنائهم لجمع عدد كبير من الحصى ووضعها في علب معدنيّة لإصدار أصوات تطرد هذه الأسراب. وتكون وفاة أحد الأطفال سبباً للتمرّد على ميران. بعد تجواله في بغداد والبصرة والناصرية، توجّه المهرجان أخيراً إلى محطته الأخيرة كردستان. عروض تمثل رسالة احتجاج على تجاهل الثقافة وبُناها التحتية وتسعى لاستقطاب الجمهور الى طقس المشاهدة، خصوصاً أنّ الأفلام التي يقدمّها حققت نجاحات ونالت جوائز في أكثر من مهرجان عربي ودولي.