في استكمال لموسمها الجديد، تعود «متروبوليس أمبير صوفيل» لتقدم استعادة جديدة لمحبّي الفن السابع في بيروت. هذه المرة، تحتفي الجمعية اللبنانية باثنين من أبرز وجوه السينما الإيطالية: مارشيلو ماستروياني وفيتوريو غاسمان ضمن تظاهرة «استعادة إيطالية: ماستروياني وغاسمان كبار السينما الإيطالية» التي تستمرّ حتى الخامس من أيار (مايو). افتتحت «متروبوليس» الاستعادة يوم الجمعة بماستروياني الذي تعرض له ثلاثة أعمال و6 لغاسمان. لا يمكن الحديث عن السينما في إيطاليا من دون ذكر مارشيلو ماستروياني (1924ــــ 1996) الذي ذاع صيته عالمياً حين شارك في العديد من الأفلام البارزة على أيدي مخرجين كبار. مع صوفيا لورين التي شاركته بطولة 14 فيلماً، شكّلا أحد أبرز الثنائيات على الشاشة الكبيرة. ويعدّ ماستروياني الوحيد (مع جاك ليمن ودين ستوكويل) الذي نال مرتين جائزة أفضل ممثل في «مهرجان كان السينمائي».
بعد بدايته المسرحية التي تضمنت دوراً في مسرحية «عربة اسمها الرغبة» أخرجها لوتشينو فيسكونتي، حقق شهرة في إيطاليا في منتصف الخمسينيات. لحظه فيلليني بعد أدائه دوراً في اقتباس فيسكونتي السينمائي لـ«الليالي البيضاء» لدوستويفسكي عام 1957، فأسند إليه الدور في تحفته «الحياة الحلوة» (1960) ولاحقاً في «ثمانية ونصف» (1963)، ليذيع صيته عالمياً.
بجدية وسخرية أيضاً، نجح ماستروياني في تقمّص أدوار عديدة، ساعدته وسامته في ذلك. مثلاً، في شريط «بيل آنتونيو» (1960 ـــــ 1/5) لماورو بولونيني، جسّد شخصية انتونيو الوسيم، الذي تظنّه النساء العشيق المثالي من دون أن يدركن أنه لا يستطيع لعب هذا الدور في الواقع. وكنا قد شاهدنا يوم الجمعة «طلاق على الطريقة الإيطالية» (1961) للمخرج بيترو جيرمي. في هذه الكوميديا التهكمية، يلعب ماستروياني دور فيرديناندو الذي يرغب في الزواج من قريبته آنجيلا، لكنّه لا يستطيع ذلك لأنّه متزوّج من روزاليا. وكون الطلاق شبه مستحيل في إيطاليا الستينيات، يضع خطة يستفيد بها من سماح القانون بقتل زوجته في حالة الزنا. الفيلم ينتمي إلى فئة أفلام موجة الكوميديا الإيطالية التي بدأت عام 1958 واستمرت حتى أوائل الثمانينيات. أعمال تهكمية تنتقد الطبقة الوسطى، خصوصاً بعد «المعجزة الاقتصادية» والفورة الصناعية. كذلك عُرض أمس «الوليمة الضخمة» (1973 ــــ 29/4) لماركو فيريري. الشريط الذي يشارك فيه ماستروياني يحكي قصة أربعة رجال يقررون الانتحار جماعياً عبر الذهاب إلى فيلا في الريف لممارسة الجنس وتناول الطعام حتى الموت. العمل دراما وكوميديا ساخرة وتهكمية توجه نقداً لاذعاً للمجتمع البرجوازي.
«متروبوليس» تحتفي أيضاً بفيتوريو غاسمان (1922ــــــ 2000) عبر عرض ستة أفلام له. شعبية غاسمان بدأت أثناء عمله ممثلاً مسرحياً محترفاً ثم ذاع صيته سينمائياً في «الأرز المر» (1949). أدواره العديدة في أوروبا وهوليوود تنوعت بين الرئيسية والثانوية، لكن ما طبعها احترافيته المهنية وصوته القوي المتقلب، حتى أطلق عليه لقب «لورانس أوليفييه إيطاليا». أحد أبرز أفلام غاسمان هو «الحياة السهلة» لدينو ريسي الذي شاهدناه ضمن تظاهرة «متروبوليس». في الشريط الذي يعد أحد أهم أفلام «الكوميديا الإيطالية»، يصوّب ريسي سهامه التهكمية إلى المجتمع الإيطالي في الستينيات من خلال شخصية برونو المنفصل عن زوجته الذي يلتقي بالطالب روبيرتو ويمضيا الوقت معاً. يعرض أيضاً الفيلم الكوميدي «لنتحدث عن النساء» (1967 ـــ 5/5) من إخراج إيتوري سكولا حيث يؤدي غاسمان تسعة أدوار مختلفة. عام 1975، نال غاسمان جائزة أفضل ممثل في «مهرجان كان» عن فيلم «عطر امرأة» (1974 ـــــ 4/5) من إخراج دينو روسي. أدى دور عميد متقاعد أصيب بالعمى خلال الحرب. وفي طريقة عودته إلى نابولي برفقه مساعده تشيتشو الذي لا يعلم أن العميد ينوي الانتحار، يأمر تشيتشو بمساعدته في العثور على نساء جميلات، ويدعي أنّه يتمتع بحاسة شمّ تجعله يتعرّف إلى الحسناوات.
بالإضافة إلى ذلك، يعرض «أحببنا بعضنا كثيراً» (1974 ــــ 3/5) من إخراج إيتوري سكولا، عن ثلاثة أصدقاء شاركوا في قتال النازيين عام 1944 ومسار حياتهم بعد انتهاء الحرب. الفيلم أيضاً مثال عن الكوميديا الإيطالية، حيث تظهر شخصيات شهيرة مثل فيلليني وفيتوريو دي سيكا وماستروياني أيضاً. في THE DESERT OF TARTARS (1976 ـــــ 2/5) الذي أخرجه فاليريو زورليني، يشارك غاسمان مع وجوه عالمية أخرى مثل جاك بيرين، وماكس فون سيدو، وفيرناندو ري ضمن شريط يحكي عن ضابط يحرس قلعة حدودية. بالإضافة إلى ذلك، يعرض شريط «العائلة» (1987 ــــ اليوم) لإيتوري سكولا الذي يتناول قصة كارلو منذ طفولته إلى أن أصبح كهلاً، ضمن دراما تستكشف العلاقة بين أفراد هذه العائلة. لا تكتفي استعادة «متروبوليس» بتسليط الضوء على اثنين من عمالقة الشاشة العالمية، بل تبدو الأفلام المختارة فرصة ثمينة لمشاهدة أفلام مرجعية تضع الفنّ السابع في هدف مناقشة ظواهر اجتماعية وسياسية بصورة جادة وتهكمية في آن معاً.



* «استعادة إيطالية: ماستروياني وغاسمان كبار السينما الإيطالية»: حتى 5 أيار (مايو) ـــ «متروبوليس أمبير صوفيل».