على مناشير بالأزرق والزهري والأصفر، نقرأ: «العميل الملتهب والراقصة المزدوجة». العنوان الذي يجمع بين الغرابة والسخرية والتشويق البوليسي وسينما التييرسو، يختزل تماماً روح الاستعراض الجديد في «مترو المدينة» البيروتي. تحته كولاج لراقصة وراءها العميل ذو المسدس الطويل، نوع من جيمس بوند هاجر إلى مملكة سمير الغصيني.
نحن في قاعة السارولا الصغرى التي تجانب «مسرح المدينة» في شارع الحمراء… حالة جديدة في المشهد الثقافي (والليلي) البيروتي، تقوم على فنانين شبان آتين من مختلف مجالات الفرجة والاستعراض والموسيقى ليجتمعوا حول الممثّل والمسرحي والكاتب هشام جابر. حالياً على البرنامج العدد الثاني من المجلّة الاستعراضيّة التي تستعيد الصلة بفنون الكاباريه، في فضاء يتسع للتسلية الذكيّة والسخرية والفرجة الشعبيّة المثقّفة بلا ادعاء. تلك هي كلمة السرّ في «مترو المدينة» (تعا فرفش وسلّينا)، وذلك هو مشروع هشام جابر ورفاقه. هنا نأكل ونشرب ونلتقي ونضحك، ونستمتع بالاسكتشات واللوحات الهاذية. قامة هشام طاغية، في مكان ما بين شوشو وBORAT، بشعر خنفوس السبعينيات وسالفيه ونظارته والسموكن الأبيض، وطريقته الكاريكاتوريّة في النطق، وجمعه بين الشاعريّة والفجاجة، وطاقته الخارقة على الحركة والغناء والتمثيل. إنّه حلقة الوصل أو كاهن الاحتفال، يحرك الخيوط بين خمس لوحات يقدمها ١٤ فناناً وفنّانة، تجمع بين الكوميديا والمونولوج والرقص (بسام أبو ذياب) والتمثيل (محمد عساف) والراب (عادل العلي) وفنّ المهرّج (شانتال ماياك) والغناء (سلطان جليلاتي) والكثير من الموسيقى (حسام عواد، والي وأنطوني ماكسوديان، فيصل عيتاني، فرج حنا…).
هنا الكلام له وظيفة أساسيّة. نص هشام فيه قدر من المباشرة التي سرعان ما تتوه في منعطفات عبثيّة تبعده عن الـ«ستاند أب كوميدي» كما ألفناها في لبنان. ستضحكون على (لا) عنصريّة الـMtv و«سمسمة» الـ«الجديد»، وغياب أي أثر للمخابرات في سوريا. الاضافة في الحلقة الثانية من استعراض «مترو المدينة» محور موحّد يربط بين الفقرات: هيمنة القمع المخابراتي على الحياة العربيّة. لا تغرّكنّ المظاهر: كاباريه هشام جابر سياسي، وأبعد ما يكون عن التسوويّة والسطحيّة.



«العميل الملتهب والراقصة المزدوجة»: كل جمعة وسبت ـــ «مترو المدينة» (الحمرا، بيروت) للاستعلام: 01/753021