التهمة هذه المرّة ليست غرافيتي، بل «ستاند آب كوميدي». أمّا المتهمان فهما إدمون حداد ـــ الكوميدي الذي عرفناه بوصلاته المضحكة في «شي. أن. أن.»، وراوية الشاب الممثلة التي عرفناها على الخشبة مع نضال الأشقر وفي السينما مع دانيال عربيد. صباح غد، تستجوب محكمة الجنايات في بيروت الممثلين الشابان بتهمة الإخلال بالآداب العامة والحضّ على الفجور! سيقف إدمون وراوية ليشرحا للقاضي أنّ ما قاما به ذات ليلة من شتاء عام 2009، في إحدى حانات الجميزة، كان عملاً تمثيلياً، يهدف إلى الإضحاك والإمتاع، وجمع التبرّعات... وليس فسقاً وعربدة.
بدأت قضيّة الممثلين منذ عامين، لكنّ قلّة هم من سمعوا بها، لأنّ المعنيَّين ظنّا نفسيهما أمام «مزحة سمجة»، بحسب تعبير حداد. «هل حقاً سنسجن شهراً كاملاً، وندفع غرامة 200 ألف ليرة، فقط لأننا كنا نمثل اسكتشاً كوميدياً»، سأل نفسه، حين صدر الحكم بحقّه في تشرين الأول (أوكتوبر) الماضي.
لكن، هل حقاً خالف إدمون وراوية الآداب العامّة؟ لقد مثّلا مشهداً هزلياً، قد نرى أجرأ منه على الشاشات المحليّة. كلّ ما يميّزه أنّه عبارة عن مشهديّة مستعارة عن المزاد العلني، لكنّ أصدقاءنا اختاروا، بهدف المزاح طبعاً، بيع بعض الشباب. الهدف من هذا «المزاد» الافتراضي، كان جمع مبلغ من المال لتقديمه لجمعيّة «برايف هارتس» في مناسبة عيد الميلاد. أدّى حداد دور أحد الشباب المَبيعين، وأظهر سرواله الداخلي كي يضحك الحضور. إحدى الصحف المحليّة، لم تفهم النكتة. خرجت تحاكم المسرحيّة الهزليّة أخلاقياً، وتندد بما تخللها من «حديث شديد الابتذال». القاضي المنفرد الجزائي في بيروت يهمل الأسطوانات المدمجة للمسرحية المسجلة، واستجواب «المتهمين»، ويتكل على المقال المذكور، ليصدر حكماً، بسجن الممثلين من دون وقف التنفيذ، بحسب محاميهما نزار سركيس. «هناك تشدّد غير مسبوق، يقارب حدّ القمع. ماذا نقول عن الإعلانات المنتشرة على الطرقات، وعن كل المشاهد الكوميدية التي تعرض على الشاشات؟ لو صدر حكم نهائي بسجن إدمون وراوية فستكون هذه سابقة، وبرأيي شرارة لإعلان امتداد رقعة التشدد الديني الذي تشهده المنطقة إلى لبنان»، يقول سركيس في اتصال مع «الأخبار». صنّف عمل إدمون حداد وراوية الشاب بالـ «خارج عن المألوف اجتماعياً». وعلى هذا، فهما يستحقان العقوبة. هل سيكون علينا أن ننتظر جرّ كلّ من تسوّل له نفسه ممارسة الكوميديا إلى الزنزانة. أصدقاء المتهمين أعلنوا عن وقفة تضامنيّة معهما من خلال حضور الجلسة عند التاسعة من صباح غد في قصر العدل (العدليّة/ بيروت)، فيما عمد آخرون الى تأسيس صفحة خاصة لدعمهما على فايسبوك. إنّها قضيّة حريّات أخرى تضاف إلى مائدة العدالة اللبنانيّة.