عكّا | منعت قوات الاحتلال الاسرائيلي عامر الشوملي (30 عاماً ـــ رام الله) من الذهاب إلى القدس لتركيب «كش الحمام» في غاليري «حوش الفنّ الفلسطيني». عمله التركيبي عبارة عن «زوتروب» Zoetrope عُلِّقت عليه 48 بطاقة هوية تحتوي على نسخ لصورته في البطاقة، والشوملي واحد من سبعة فنانين يشاركون في معرض «مسلسل» الذي يحتضنه «الحوش» حالياً. لذا، كان الحلّ بتفكيك العمل وإرساله بالسيارة إلى القدس مع صديقه الفنان رؤوف حاج يحيى. أما عملية تركيب العمل مجدداً، فحدثت عبر «السكايب» بين رام الله والقدس. «منعني الاحتلال من الذهاب إلى القدس، لكني أرسلت 48 بطاقة هوية لي» يقول عامر الشوملي لـ«الأخبار».
يطرح «مسلسل» سؤال الإنتاج البصري الفلسطيني في ظلّ الاستعمار. عنوان المعرض جاء تعبيراًَ عن الخطاب المكرور والمتواصل منذ أكثر من 60 عاماً «وما يواجهه الإنسان الفلسطيني اليوم، وقدرته على قراءة النظام الاستعماري الذي يعيشه وتحديد موقعه في مكان يتآكل، ويتقلّص، ويعاد تشكيله بحسب مواصفات المستعمِر واحتياجاته» حسبما جاء في الكتيّب التعريفي
بالمعرض.
رغم وجود خمسة أعمال فنّية في «مسلسل»، إلا أنّ عدد الفنانين هو سبعة: عامر الشوملي (كش الحمام ـــ عمل تركيبي)، إيهاب جاد الله (حقوق مرفوعة ـــ فيديو)، وديع حنني (المهنة: مواطن ـــ فيديو)، شادي حبيب الله (تجوال أوغوستا ـــ فيديو ولوحة مطبوعة). أما رؤوف حاج يحيى، وروان أبو رحمة وباسل عباس فقد عملوا على مشروع واحد هو «فضفِض... فاضي.. فضاء...فيضان» (تلفزيون، مطبوعة ولوحات ديجيتال).
اختار «حوش الفن الفلسطيني» الفنانين السبعة بناءً على سيرورة عملهم الفنية التي تمحورت طوال سنوات حول ثيمة المعرض الذي ارتكز على الحوار الجماعي، فالفنان لم يركز فقط على نتاجه، بل كان جزءاً من سيرورة البناء الجماعية النقدية للمحطة الأولى من «مسلسل» الذي سيستكمله «الحوش» بسلسلة مشاريع أخرى.
في الإجمال، تتميز الأعمال المشاركة بخطابها النقدي تجمعها الخلفيات الفنّية التي جاء منها كل من المشاركين: إيهاب جاد الله مختصّ بالسينما، أنجز سلسلة أفلام فلسطينية، قبل أن يقرّر في «حقوق مرفوعة» فحص الحضور الاستعماري في الفيلم المصري القديم من خلال الفيديو. العمل بداية لمشروع بحثي طويل سوف يعمل جاد الله على تطويره. أما عامر الشوملي، فقد أحضر تخصّصه في الفنون المتحركة إلى عمله «كش الحمام». هنا، وظّف تقنية الرسوم المتحركة في «زوتروب» مع موسيقى الأطفال والإضاءة اللازمة لتلائم تساؤلاته حول الهوية.
في عمل «تجوال أوغوستا» لشادي حبيب الله، يضطلع النص بدور أساسي في تساؤلاته حول السياحة التي تقام في المناطق المحتلة عام 1967. وفي العمل الثلاثي «فضفِض... فاضي.. فضاء...فيضان»، انطلق كلّ من رؤوف حاج يحيى وروان أبو رحمة وباسل عباس من خطاب الجنرال الأميركي دايتون حين وصل فلسطين عام 2005 مع «مهمة استثنائية». العمل الفنّي يقدم رؤية نقدية للأساليب والآليات التي تستخدمها القوى الاستعمارية في محاولاتها لإعادة تشكيل ملامح السياق الفلسطيني المعاصر، كلّ هذا على شكل قصة أطفال ملونة تروي «حكايات العم دايتون»، بناها الثلاثي من مواد دعائية وكتيبات وصور تفكّك بشكل ساخر هذا الخطاب وتستعرض عملية إعادة إنتاج شخصية المجتمع الفلسطيني وملامحه. أما العمل الأخير «المهنة: مواطن» لوديع حنني، فهو عبارة عن فيديو يقارب واقع المواطن الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1967 وصعوباته الحياتية والمعيشية في ظلّ العولمة الواضحة التي تتمثّل في الشركات والإعلانات التي تغزو المدينة.
أهمية معرض «مسلسل» تُرجمت من خلال الحضور الكثيف في الافتتاح، والإحساس العام بأنّ المعرض/ المشروع المستمر يخاطب الأجيال كافةً مشكّلاً نسخة من معادلة الفنّ المعاصر والشارع، أي ما تعكسه الأعمال الفنّية في المعرض من همّ الفرد في ظلّ الاحتلال والاستعمار على امتداد فلسطين الحقيقية. هذه المعادلة أثبتت أنّها وحدها القادرة على استدراج الجمهور إلى داخل الغاليري عبر أعمال سردت قصته وواقعه الذي تجلّى أكثر بمنع الاحتلال ثلاثة من فناني المعرض من حضور افتتاح أعمالهم.



«مسلسل»: حتى 30 نيسان (أبريل) ــــ «حوش الفنّ الفلسطيني» (القدس) ـــ www.alhoashgallery.org