تبدو حكاية الـ sex symbol مارلين مونرو نموذجاً للعلاقة التي تفرضها صناعة السينما الهوليوودية بين الفن والسلعة الاستهلاكية. نصف قرن مر على وفاة تلك الأيقونة التي شغلت هوليوود والعالم السينمائي بأدوارها الجذابة وشخصيتها المثيرة، وما زالت تشكل هوساً تجسّد في أعمال سينمائية وكتب تستعيد سيرتها، وخصوصاً مع ظروف وفاتها الغامضة.
بدأت مسيرتها كعارضة أزياء، وظهرت على العديد من الأغلفة، إلى أن جذبت مديراً تنفيذياً في استوديوهات «فوكس القرن العشرين»، وعينت هناك، وغيّرت اسمها إلى مارلين مونرو. شاركت في دور عاملة هاتف فيThe Shocking Miss Pilgrim (1947)، ثم في بضعة أفلام أخرى في أدوار بسيطة، حتى انتهاء عقدها. بعدها، اضطرت إلى التعرّي تحت عدسة مصور فوتوغرافي. عادت إلى السينما بعد عام، ووقّعت عقداً مع استوديوهات «كولومبيا» لتشارك في فيلم «سيدات الجوقة» (1948) الذي لم يلق النجاح، وشاركت بعدها في دور بسيط في فيلم «لوف هابي» (1949)، للإخوة ماركس، أثار إعجاب المنتجين ومكّنها من الذهاب إلى نيويورك للمشاركة في ترويج الفيلم، لتشارك بعدها بدور صغير في «غابة الإسفلت» (1950) لتثير الإعجاب ويسند لها دور صغير في «كل شيء عن حواء» (1950).

في عام 1952، عادت إحدى صورها العارية إلى الظهور في وسائل الإعلام، فكادت أن تتسبب بفضيحة، وعالجت مونرو الأمر بمقابلة بيّنت فيها أنها اضطرت إلى ذلك بسبب حاجتها إلى المال، فتحولت الفضيحة إلى تعاطف عام، ما أعطاها جرعة إعلامية إيجابية زائدة.
هنا بدأت شخصية مونرو كشقراء مغفلة في البروز سينمائياً، رغم رغبتها في تأدية أدوار جدية، «لكن لا أحد مهتم» كما ذكرت في إحدى المقابلات. في عام 1952، ظهرت في أفلام عدة كـ«كلاش باي نايت» لفريتز لانغ، و«لسنا متزوجين»، و«مونكي بيزنس» من إخراج هاورد هوكس في أول ظهور لها كشقراء. وفي عام 1953، أدت في «نياغارا» دور امرأة فاتنة تحاول قتل زوجها، وبدأ النقاد يتنبّهون إلى جاذبيتها الجنسية. وبدأت هنا تأخذ مسارها نحو الـ sex symbol في أفلام عدة. في العام نفسه، عاد هاورد هوكس للعمل مع مونرو وأسند لها دوراً في فيلم «الرجال يفضلون الشقراوات». حصد دورها إعجاباً نقدياً، وأصبحت تأديتها لفقرة «الألماس هو صديق الفتاة الأفضل» علامة بارزة اقترنت باسمها. في العام نفسه، شاركت في دور «كيف تتزوجين مليونيراً»، وصولاً إلى «شهوة السنوات السبع» (1955) من إخراج بيلي وايلدر. إنّه الفيلم ذو اللقطة الشهيرة، حيث تقف مونرو على فتحة مترو الشارع ليتلاعب الهواء بفستانها. دخلت تلك الصورة الذاكرة البصرية وحصد الفيلم نجاحاً، وعادت مونرو لتجدد عقدها مع «فوكس» حسب شروطها بعدما كانت قد غادرت هوليوود.
بعدها، أدت دور «شيري» مغنية حانة ذات موهبة متواضعة في فيلم «موقف الباص» (1956). هذا الدور كان محورياً ثبّت موهبتها، ليتبعه بعد ذلك «الأمير وفتاة الاستعراض» (1957) من إخراج الأسطوري لورنس أوليفييه، في أحد أفضل أدوارها كفتاة استعراض أميركية يقع في حبها تشارلز الذي يؤدي دوره أوليفييه. عام 1958، عادت مونرو لتعمل مع بيلي وايلدر في الشريط الشهير «بعضهم يفضلها مثيرة» (1959) ونالت عن دورها جائزة الـ«غولدن غلوب» كأفضل ممثلة، ولاحقاً «لنمارس الحب» (1960) و«اللاأسوياء» (1961)، من كتابة آرثر ميلر، الفيلم الشهير وسيئ السمعة الذي كان الأخير لمونرو وكلارك غيبل.
سيرة مونرو الهوليوودية أصبحت علامة بالفعل. تدهورت صحتها قبل فيلمها الأخير، وعانت من الأرق ولجأت إلى الكحول والحبوب المنومة. وكانت مشاركتها في «اللاأسوياء» متعبة، فدخلت المستشفى لعشرة أيام، وانفصلت عن ميلر لاحقاً بعد الانتهاء من الفيلم ووفاة غيبل. استمرت صحتها في التدهور، وأجرت عمليات جراحية إلى أن وجدت ميتة في شقتها في 5 آب (أغسطس) 1962. رغم ما جسدته من رمز جنسي هوليوودي مثير، إلا أنّ براءتها ظلّت موجودة. حياتها الحافلة والصاخبة، رغم قصرها، حامت حولها الصحافة كالذباب. صناعة استهلاكية بامتياز، طبخت البراءة وتركت لتتعفّن.