لا يقاطع جمال سليمان الدراما السوريّة. غير أن ظروف البلد التي تجعل الترقب سيد الموقف في دمشق، جعلته ينكفئ عن الظهور فيها، وخصوصاً أنه يعيش معززاً في مصر. منذ دخوله أرض الكنانة قبل سنوات، تحوّل بطلاً ينافس نجوم القاهرة في الملعب الرمضاني. وفيما يحاول ألاّ يغيب عن المشهد الدرامي السوري ولو كضيف على أحد المسلسلات التي يجري تصويرها حاليّاً، سيكون رهانه كالعادة على شخصيّة الصعيدي في مسلسل «سيدنا السيّد» (تأليف ياسر عبد الرحمن وإخراج إسلام خيري). هكذا، صار جمال الحصان الرابح في الدراما الصعيديّة التي فتحت طريقه إلى القاهرة في «حدائق الشيطان»، وعبّدت الطريق أمام نجوم دمشق لدخول الدراما المصريّة.
يفاخر الرجل بتجربته الأولى في مصر. يقول لـ «الأخبار» خلال زيارته بيروت أخيراً: «بعد هذا العمل، تهافت منتجو مصر ومخرجوها على نجوم سوريا». لا يكتفي بالثناء على أعماله الصعيديّة فحسب، بل يتوقف عند مسلسله «قصة حب»، مشيراً إلى أنّ «العمل تحدث عن الربيع العربي والثورات قبل حدوثها. كان الكاتب مدحت العدل رؤيوياً واستطاع استشراف المستقبل في مصر، فناقش تأثير التطرف الإسلامي».
في هذه الأثناء، يواصل النجم السوري تصوير «سيدنا السيد» بين الأقصر وقنا وسوهاج ومدينة الإنتاج الإعلامي، موضحاً «أننا أنجزنا أكثر من ثلث المشاهد». لا يخفي عشقه للشخصيّات الصعيديّة التي بات متمرساً فيها. يتحدث بحماسة عن شخصيّة فضلون الديناري الصعيدي الغريب الأطوار التي يجسدها في «سيدنا السيد». يؤكد أنّ «العمل لن يقسم على ثلاثة أجزاء، فقد توافقنا على تقديمه في جزء واحد، لأن سياسة الأجزاء غير مشجعة». ويصف «سيدنا السيد» بـ «الشخص الذي يأخذ القرارات بدلاً من الناس، ويعتقد أنه سيقيم العدل ويحدّد الثواب والعقاب في إطار اجتماعي يعود إلى الأربعينيات». يعتز سليمان بأنّ «العمل يضم وجوهاً جديدة، رشّحها بنفسه للعمل، وأسهم في تزكية أسماء أخرى كأحمد الفيشاوي». هذا الأخير يجسّد شخصية عبد ربه، مفتش الري ومشروع أديب الذي يستعد لإصدار روايته الأولى، غير أن حظه العاثر يقوده إلى «سيدنا السيد» في الصعيد.
لا يوافق سليمان على أنّه يكرّر نفسه منذ دخوله الدراما المصريّة «لأنّ الاختلاف بين الأدوار الصعيدية واضح، وهي تتقاطع فقط في المناخ العام». وإذا كان قد رُشّح في الأشهر الماضية لمسلسلات عدّة، يوضح «أنني اعتذرت عن مسلسل «قطار الصعيد» منذ سنتين. أما «أنا وصدام»، فهو لم ينفّذ لأن المحطات تتردد في إنتاج أعمال مماثلة لكونها تبحث عن المادة الترفيهيّة». ويشير إلى أنّ «المحطات العربية بنت احترامها عند المشاهد بأعمال جيدة ذات طابع ثقافي واجتماعي، لكن اليوم، هناك محاولة للحاق بالمسلسل التركي». وينتقد لجوء القنوات العربية إلى شراء التركيبات الغربية الجاهزة للبرامج والدراما. هنا، يأخذه حنينه إلى «التغريبة الفلسطينية» الذي يصفه بـ «أفضل عمل كتبه وليد سيف». وبعيداً عن الدراما، صوّر أخيراً مشاهده في الفيلم الإيراني «يوم الحريّة» حيث حرص على الاهتمام بتفاصيل الماكياج. وأثنى مخرج الفيلم ومؤلفه أحمد رضا درويش على اختيار سليمان للشخصية في عمل يتوقع أصحابه أن يحدث ضجة في الشارعين العربي والإسلامي، وتبدأ أحداثه بوفاة معاوية بن أبي سفيان وتنتهي باستشهاد الإمام الحسين. بعيداً عن مشاريعه الفنية، يؤخذ على سليمان موقفه الضبابي مما يحدث في بلده، لكنّ النجم السوري يرى أنّ «الحل لما يجري حوار وطني تقدّم فيه كل الأطراف تنازلات لصالح مستقبل البلد». ويكرر بأنّ «لدينا أحد خيارين: الأول أن تتحول سوريا إلى بلد حيث ينبعث الدخان من كل شارع، أو نرضى بالدخول في حوار شجاع». ويأخذ على النظام رهانه على الوقت وعلى تضارب المصالح الدولية وعجز المعارضة عن التوحد، بدلاً من الرهان على إرادة الشعب السوري الذي لا يؤيد المعارضة، ولا يتفق مع المجلس الوطني، لكنّه يطالب بالتغيير، وبمستقبل مغاير لسوريا.