«عودة إلى الطرب» عنوان العرض الذي قدّمه فنان الصوت اللبناني طارق عطوي في الشارقة (حي التراث) أخيراً. العرض أمسية مستوحاة من الموسيقى العربية الكلاسيكية. اختار عطوي مقطوعات البرنامج من الأرشيف الخاص للباحث اللبناني كمال قصار الذي يحتوي على أسطوانات موسيقية تعود إلى مطلع القرن العشرين، وتغطي فترة النهضة (بين مطلع القرن التاسع عشر حتى عام 1930)، ويعود تاريخ معظمها إلى الأعوام الممتدة بين 1903 و1950. العرض من إنتاج «مؤسسة الشارقة للفنون»، وسبق أن قدّم في نيويورك خلال الخريف الماضي، في بينالي «بيرفورما» الأميركي.
حين بدأ عطوي العمل على مشروعه، كان يفكّر في الاشتغال على الموسيقى العربية الكلاسيكية. لكنّه لم يكن على دراية كافية بتاريخها. كان على الموسيقي اللبناني الشاب أن يدخل هذا العالم كأنّه يدخل متاهةً. لجأ إلى «مؤسسة قمر» وإلى كمال قصار الذي فتح له الباب على كنوزه الموسيقية النادرة. من هنا، بدأ عطوي العمل على مشروعه «عودة إلى الطرب الأصيل»، ومعه 22 موسيقياً من ثقافات وجنسيات مختلفة، منهم: مصطفى سعيد، غسان سحاب، محمد عنتر ورائد ياسين.
العرض الذي يقدّمه عطوي طوال خمس ساعات ونصف، هو أشبه «بزيارة إلى مفهوم الطرب، كحالة كلاسيكية ودعوة لقطف نشواها». يطرح العرض سؤالاً: هل يمكن الوصول إلى حالة الطرب، على أنغام موسيقى معاصرة، مطعّمة بنمط كلاسيكي؟ كما يطرح أسئلة مصدرها طبيعة الأداء المستوحى من مجالس سماع الموسيقى التي شاعت في مدن الدولة العثمانية الكبرى أوائل القرن العشرين، مثل القاهرة ودمشق وحلب وإسطنبول. ولعل هذا ما يفسر طول زمن العرض.
العمل مبنيّ على عملية توليف صوتي أو كولاج تتقاطع فيه الأزمنة والرؤى. ينطلق من نمط الأداء الغنائي الكلاسيكي، بطريقة تذكر بزمن الحامولي مع المطرب المصري مصطفى سعيد، ثم تتقاطع مع هذا النمط أداءات لموسيقيين معاصرين تفاعلوا مع تلك المساحة الغنائية بطريقة التضفير. يتيح عطوي للموسيقيين الذين يرافقونه إمكان الارتجال المنظم، في زمن محدّد سلفاً. يؤمن عطوي بأنّ الموسيقى العربية ليست راكدة، ولا يمكن النظر إليها وفق مساحات النوستالجيا فقط.