القاهرة | خبر خاطئ تناقلته الصحف العربية نقلاً عن جريدة «الأنباء» الكويتية يفيد «بعد 43 عاماً على إنتاج وعرض فيلم «أبي فوق الشجرة» عشرات المرات، يبدو أنّ مقص الرقيب الجديد في مصر سيستهدفه ويمنعه كلياً، نظراً إلى كثافة القبَل بين بطل الفيلم الراحل عبد الحليم حافظ والممثلتين نادية لطفي وميرفت أمين».
الخبر الذي أرجعته الصحيفة إلى صعود التيار الديني بعد «ثورة يناير» المصرية، وقع في خطأ لم تنتبه له حتى الصحف المصرية. التلفزيون المصري لم يعرض «أبي فوق الشجرة» أبداً منذ إنتاجه ونجاحه الساحق عام 1969. الشريط الذي أخرجه حسين كمال عن قصة بالعنوان نفسه لإحسان عبد القدوس من مجموعة «دمي ودموعي وابتساماتي»، اشتهر بأنّ الجمهور احتل قاعات عرضه ليتنافس في إحصاء القبَل التي تبادلها أبطاله، وخصوصاً بين الطالب عادل (عبد الحليم) والراقصة فردوس (نادية لطفي)، بل اعتمدت دعاية الفيلم آنذاك على الرقم القياسي لعدد القبَل بينهما. ورغم أنّ الرقابة المصرية لم تكن بالصرامة التي اشتدت تدريجياً بدءاً من الثمانينيات، إلا أن التلفزيون لم يجرؤ ــــ حتى قبل ذلك ــــ على عرض الفيلم. بدلاً من ذلك، اكتفى ببث استعراضاته وأغنياته، مثل استعراض «قاضي البلاج»، المعروف أيضاً باسم «دقّوا الشماسي»، وأغنيات «الهوى هوايا»، «مشيت على الأشواك»، «جانا الهوى» و«يا خليّ القلب».
ما يفسد بعضه قد يفسد كله، والشك يحيط ببقية الخبر المنقول عن «الأنباء»، الذي يتابع بأنّ الرقابة شاهدت عشرات الأفلام، ومعظمها يعود إلى الستينيات والسبعينيات، لحذف «المشاهد الساخنة»، فضلاً عن مشاهد الرقص الشقي لراقصات مصر الأشهر سامية جمال، وتحية كاريوكا، ومشاهد التقبيل في أفلام كـ «خطاب من امرأة مجهولة» بطولة فريد الأطرش ولبنى عبد العزيز، وعبد الحليم حافظ ونادية لطفي في «الخطايا».
والواقع أنّ التلفزيون المصري لم ينتظر انتخاب الإسلاميين في البرلمان ليحذف القبَل. بدأ ذلك منذ سنوات طويلة، حتى مع بعض الاستعراضات في الأفلام الأشهر، مثل لقطة وعبارة «بوسة ونغمض» التي تغنيها سعاد حسني في استعراض «الحياة بقى لونها بمبي» (فيلم «أميرة حبي أنا»). ورغم أنّ الرقابة على الأفلام الأجنبية ــــ في الصورة والترجمة ــــ ظلت أقل حدةً من مثيلاتها في الفضائيات الخليجية، إلا أنّها تصاعدت مع الوقت، ولم تكن مرتبطة بقرار مباشر. قبل عام، وتحديداً في أيار (مايو) 2011، تناقلت الصحف خبراً يفيد بأنّ تعليمات شفاهية صدرت من رئيس التلفزيون آنذاك سامي الشريف، تأمر بحذف «اللقطات الحميمة» من المواد الفيلمية العربية والأجنبية. وبعد ساعات، نفى رئيس التلفزيون الأنباء، قائلاً إن «الأعمال السينمائيَّة القديمة هي بمثابة تراث لا يجوز العبث به»، ولافتاً إلى أنّ «التلفزيون لا يمكن أن يقدم على هذه الخطوة». على أيّ حال، كان هذا قبل عام، أي قبل إجراء الانتخابات التي انتهت إلى الهيمنة الإسلامية المفاجئة. على أثرها، قدم نائب سلفي طلباً إلى الحكومة بحجب المواقع الإباحية على الإنترنت، وصدر حكم يؤكد الطلب. وتحدثت مصادر عن أنّ مسؤولين في وزارة الاتصالات يبحثون تنفيذ هذا الحجب من دون التأثير في سرعة الإنترنت. وأثناء ذلك، تقدم نائب آخر ينتمي إلى الإخوان المسلمين يطالب بتجريم الفضائيات التي تقدم «مواد إباحية»، مطالباً بعقوبات تراوح بين الغرامة وتجميد القناة وصولاً إلى السجن خمس سنوات.
الأخبار الوحيدة المؤكدة إذاً هي طلبات النواب الإسلاميين الموثّقة في المضابط البرلمانية. أما التلفزيون، فينبغي متابعته للتأكد من تأثير الأحزاب الإسلامية، لكنّ المواجهة آتية لا محالة. عاجلاً أو آجلاً ستؤلّف الحكومة من أحزاب الأغلبية الإسلامية، وسيبدو تأثيرها واضحاً على شاشة «ماسبيرو»، الذي لا يحتاج إلى مزيد من فقدان المشاهدين!

http://vimeo.com/34175860