القاهرة | قبل حوالى أسبوع، فاجأت منى برنس أصدقاءها على فايسبوك بإعلان نيتها الترشح لرئاسة الجمهورية. إعلان قوبل بالدهشة من بعضهم، وبالسخرية من آخرين، الى أن تقدّمت الكاتبة المصرية رسمياً بالترشّح السبت الماضي. لم تكتف صاحبة «إني أحدثك لترى» بهذا الإعلان. ظهرت مراراً في وسائل إعلام مختلفة بهدف لفت الناس الى برنامجها الذي صاغته جماعياً مع أصدقاء من خارج دوائر المثقفين بقصد «كسر التوقعات».
قبل هذه الخطوة، اطمأنت برنس الى الصيغة النهائية لكتابها الجديد الذي يوثق تجربتها في ميدان التحرير خلال «ثورة 25 يناير». كتاب لم تلجأ فيه الى الدور الصديقة، بل قرّرت المغامرة بنشره على نفقتها الخاصة.
كل تلك الخطوات تعتبرها ضرورية للخروج من الدوائر الضيقة: «اخترت فايسبوك وتويتر منبراً للإعلان عن نفسي كمرشحة لأنّي أخاطب جيلاً صنع الثورة، ولا يزال غير واثق من نجاحها أو من تحرر الإعلام من تبعيته لنظام مبارك». في المقابل، لا تملّ برنس من الظهور في فضائيات يعتبرها أنصار الثورة في الضفة الأخرى وتقرّ برغبتها في الدفاع عن صوت الثورة في سياق يتدهور على حد تعبيرها. ترى صاحبة «قصر نظر» أنّ راية الثورة في مصر لم تنكسر، فهي راية الخيال وتعتقد أنّ مبادراتها للترشح لن تتكلّل بأي نجاح، لكن يبقى هدفها الأهم هو الدفاع عن هذا الحق في إثبات الذات ومواجهة رجال مبارك العائدين من الماضي للاستيلاء على مستقبل لم يعد لهم فيه أي مكان. لذلك، ترى أنّ دخول مرشحين شباب مثلها ومثل المحامي الشاب خالد علي تأكيد على معنى الرسالة التي تراهن على تغيير وعي الناس ومخاطبة المستقبل. وتكمل: «الثورة مستمرة، تفرز يومياً أشكال حضورها بفضل جيل لا حدود لخياله، وسيكمل طريقه بعدما أدرك ذاته في الميدان».
الجانب الرئيسي في شخصية برنس هو المغامرة التي قادتها إلى كتابة أعمالها الأدبية التي وضعتها ضمن جيل التسعينيات الذي كسر العديد من التابوهات الاجتماعية والفنية. وترى أنّ «ثورة 25 يناير» ساعدت جيلها الذي تجاوز الأربعين في استكمال مهمته بالتجرؤ على التابو السياسي والمشي وراء جيل أصغر وأكثر جرأة.
تنزل برنس يومياً الى الشارع ومعها أفراد حملتها وتركب «الباصات المزدحمة»، وتخوض نقاشات مع المواطنين.
ترى الكاتبة التي تعمل مدرّسة للأدب الإنكليزي في إحدى الجامعات الإقليمية خارج القاهرة أنّ المواطنين العاديين أكثر جدية في التفاعل مع برنامجها، بينما المثقفون أو القوى الثورية منسحبة من المشهد، مع أنّ من الأفضل الاشتباك مع الواقع لأنّه «إن لم نشارك، ستكون النتائج أسوأ». تدافع برنس عن حقها وحق جيلها في الحلم ومواجهة قبح الواقع: «عندما قامت الثورة، لم يصدق أحد أنها ستمضي في طريقها. الشباب الذي شارك في الثورة لا يجد الآن مكاناً فيها. نعلم أنّ هذه الدورة الرئاسية شبه موجّهة، وأنّ ثمة تلاعباً إعلامياً سيؤثر في التصويت ويزيد المخاوف من وجود تيار ديني متوافق مع هياكل النظام القديم والعسكر. لكن أملنا هو تقديم طريق مختلف يعيد إلى الناس ثقتهم بالتغيير الذي ننشده خلال خمس سنوات وليس الآن».
لا تراهن برنس على النخبة لأنّ دورها لم يكن بالمستوى المطلوب. تقول: «لم نجمع أنفسنا ولم نتفق على شيء في الانتخابات النيابية على عكس التيار الديني الذي بدا منظّماً. وبالتالي، لا ينبغي أن نلوم التيار الديني لأنه وصل إلى الناس، بينما نحن انسحبنا وفشلنا في التواجد. يجب أن نستعيد المبادرة، فالثورة أصلاً بدأت من شباب كانت له توجهاته المدنية».
في برنامجها الانتخابي، تركّز برنس على العدالة الاجتماعية وتتوجه الى الشباب العاطل من العمل، مؤكدة أنّ حملتها ستموّل من تبرعات الأصدقاء. وتدعو في لقاءاتها الى تمكين الشباب واتخاذ العلم والخيال منهجاً للحياة.