بعد يومين فقط على تقديم وزير الإعلام، وليد الداعوق، مشروع قانون لتنظيم الإعلام الإلكتروني، سُحب اقتراحه هذا من جدول أعمال الحكومة اليوم «بعدما استجدت معطيات معينة تتعلق بكيفية مقاربة هذا الملف بشمولية أكثر»، كما صرّح الوزير أمس. لكنّ الداعوق الذي كشف سابقاً أنّه يسعى إلى الإسراع في بت المشروع لأن «الوقت يمضي بسرعة ويسبقنا ... ولا يمكننا الانتظار»، حسب تعبيره أول من أمس، تراجع بعد يوم واحد عن تصريحه الناري، ليعلن أنّه «باشر بإعادة صياغة المشروع من جديد لإدخال التعديلات المطلوبة، تمهيداً لإعادة طرحه على مجلس الوزراء» ... فما الذي تغيّر بين ليلة وضحاها؟
المشروع الخاص الذي قدّمه الداعوق بشكل منفصل عما تقوم به «لجنة الإعلام والاتصالات» النيابية في هذا المجال، شابه الكثير من الخلل والضبابية والفوضى. وقد رفضه عدد كبير من أصحاب المواقع الإلكترونية الإعلامية ووصفوه بـ«السطحي والمتسرّع».
وفي حين يعتبر أي كلام عن ضبط المواقع الإلكترونية وحصر العالم الافتراضي بوزارة أو قانون أمراً غير واقعي وغير قابل للتنفيذ، تصرّ الحكومة اللبنانية على محاولة وضع يدها على هذا الفضاء وتعدّه أولوية، فيما لا تزال الفوضى تعمّ تنظيم المهن الصحافية وتفعيل النقابات وقوانين المطبوعات والبث المرئي والمسموع ...
ومن بين المآخذ والعيوب التي عدّدها المعنيون بهذا الملف في اليومين الماضيين، يذكر طوني مخايل محامي مؤسسة «مهارات» المعنية بالحريات الإعلامية أنّ «هناك ضبابية في تعريف المواقع الإلكترونية، مثل تسميتها بالمنظومة الإلكترونية ذات الاسم والعنوان المحددين، والقول إنّ التواصل الإلكتروني يتم بين العموم». ويشير مخايل أيضاً الى «مغالاة في التنظيم، وخصوصاً أن المادة الرابعة تنصّ على أنّ صاحب الموقع ملزم بإيداعه عند وزارة الإعلام لقاء إيصال». ويلفت مخايل الى خلط كبير في المشروع الذي ضمّ «الموجات الكهرو مغناطيسية الى الإعلام الإلكتروني وهي التي تخص قانون البث الإذاعي والتلفزيوني».
ولعلّ أخطر ما جاء في المشروع المسحوب إحالته المواقع الإلكترونية مع العاملين فيها على قانون المطبوعات الذي يعاني بدوره شوائب كثيرة ويحتاج الى تطوير وتحديث يواكب تقدم المهنة.
«تماماً كعالم المواقع الإلكترونية، بدا القانون افتراضياً غير قابل للتطبيق»، يخلص مخايل، كاشفاً أنّ «مهارات» توصلت من خلال عملها مع اللجنة النيابية الى صيغة قانونية تنظّم الإعلام الإلكتروني وتهدف الى «حثّ أصحاب المواقع على التنظيم الذاتي مع وجود بعض القيود، لكن بطريقة تحافظ على حرية الأشخاص وحرية التعبير».



ورشة عمل

يفصل قانون تنظيم الإعلام الإلكتروني، الذي تعمل عليه لجنة «الإعلام والاتصالات» النيابية منذ سنتين، بين المواقع المتخصصة كالإخبارية وغير المتخصصة كمواقع التواصل الاجتماعي. وتفرض على المواقع المتخصصة الإعلان عن اسم المدير المسؤول بهدف تحديد الشخص المعني في حال المساءلة أو رفع شكوى. وإذا قدّم الوزير وليد الداعوق مشروع قانون جديداً ووافق عليه مجلس الوزراء، فهو سيعود مجدداً الى اللجنة النيابية التي ستدرسه وتبدي الملاحظات عليه وتقترح التعديلات. ويقول المطلعون على عمل اللجنة إن هناك شوطاً كبيراً أنجز في ما يتعلق بتنظيم الإعلام الإلكتروني ضمن ورشة عمل القوانين الإعلامية ككل.