لم يكن الخبر الذي تناقلته أمس مواقع التواصل الاجتماعي عن استقالة رولا ابراهيم من «الجزيرة» صحيحاً وإن توقّعه كثيرون بعد اختراق الجيش الالكتروني السوري بريد المحطة الالكتروني وفضح المراسلات التي كشفت تعاطي «الجزيرة» المنحاز والتضليلي في ما يخص الملف السوري (الأخبار 24 شباط/ فبراير 2012). مع ذلك، هناك استقالة أخرى وافقت عليها إدارة المحطة منذ يومين تتعلّق بمنتج مكتب القناة في لبنان موسى أحمد. دخل الأخير «الجزيرة» عام 2009، ليتخذ قراره بالاستقالة ليلة 14 شباط (فبراير) 2012.
في ذلك اليوم، ألقى حسن نصر الله خطابه الذي تركز على سوريا، ودور الإعلام التحريضي، والعرب الذين أمهلوا اسرائيل الفرصة تلو الأخرى، لكنّهم عجزوا عن ذلك مع النظام السوري. هكذا، اتخذ الإعلامي الشاب (1984) قراره. في غضون أيام، أرسل كتاباً رسمياً باستقالته إلى مدير مكتب بيروت عياش دراجي، ومدير الأخبار ابراهيم هلال، ومسؤول المراسلين والإداريين، وبعث رسالة وَداعية لرفاقه وزملائه قال فيها: «بقلب هادئ وروح مطمئنة استأذنكم أيها الأحبة (...) كل واحد منا يعتبر أنّ المثاليات والتضحيات أمر جيد، بل إنّ بعضنا ينظّر بها صبح مساء، لكن شرط بقائها بعيداً عن حياته الشخصية، ومصدر رزقه، وموقع إداري وصل اليه. لكم أحبتي، زملائي، أقول: الحياة موقف، وليس بالضرورة أن يكون اتخاذ هذا الموقف سهلاً أو بلا تداعيات. لكن مهما كانت الصعوبات والتداعيات. تعلّمت أنّ لا شيء أغلى وأثمن من راحة الضمير ولا شيء أعز من الكرامة». تعليقاً على استقالته، يقول موسى أحمد لـ«الأخبار»: «لم يعد هناك مكان للمعتدلين في المحطة. القناة تريد إسقاط النظام السوري بالحلال أو بالحرام. هي ذراع سياسية وإعلامية وتحريضية. والدليل التعتيم الكامل على يوم الاستفتاء على الدستور السوري مقابل التركيز على بابا عمرو كأنّها القدس». وبعدما حاولت «الأخبار» الاتصال بمدير مكتب لبنان عياش دراجي من دون جدوى، رفضت بشرى عبد الصمد التعليق على استقالة زميلها، فيما صرّح مصدر رفض الكشف عن اسمه بأنّ سبب استقالة موسى تلقيه عرضاً من مؤسسة إعلامية أخرى، وعزاها آخر إلى خلافات مع عياش دراجي. يقول موسى الذي سينضم إلى طاقم قناة «الميادين»: «صحيح أنّه كانت هناك بعض الخلافات الإدارية، لكن النقطة التي أفاضت الكأس كانت خطاب السيد حسن نصر الله الأخير الذي تحدّث فيه عن التضليل الإعلامي الممنهج في مقاربة الأزمة السورية».
وحالما كتب موسى خبر استقالته على حسابه على فايسبوك، بدأت التعليقات. منهم من كتب «أود أن أهنئ الأخ العزيز موسى أحمد على قراره بترك قناة التضليل والفتنة «الجزيرة»» فيما علّق المدير الإداري والمالي لمكتب القناة في بيروت: «صديقي موسى أنت رجل في زمن ندر به الرجال، أنت رجل المبادئ في عصر التسويات والخنوع والخضوع، أحترم قرارك وأفهمه وأقدّره» قبل أن «يستدرك» كاتباً: «تعقيباً على كلامي السابق، قد لا أكون بالضرورة أشاطرك قناعاتك لكني أحترم تناغم قولك مع فعلك». يرى بعضهم أنّ خطوة موسى قد تبدو محرجة بالنسبة إلى بعض العاملين في «الجزيرة»، خصوصاً أولئك الذين يملكون مآخذ على تعاطيها مع الملف السوري. هم يجدون أنفسهم بين كأسين، أحلاهما مرّ... فهل تشهد كواليس «الجزيرة» استقالات أخرى أيضاً؟