بعد تأجيل إصدار ألبوم الشاب مامي الجديد إلى ما بعد الصيف المقبل، واكتفاء «الكينغ» الشاب خالد بإعداد أغنية تضامنية مع أطفال القرن الأفريقي، شرع مغنو الراي في الجزائر في إطلاق ألبومات الموسم الجديد. لكن للمفارقة، جاءت الإصدارات الجديدة محمّلة بالكثير من الهموم، باستثناء هموم الربيع العربي، وتطرّقت إلى الكثير من المواضيع، لكنّها خلت من أيّ إشارة إلى التحوّلات السياسية المفصلية التي شهدتها الدول العربيّة المجاورة. ألبوم كادير الجابوني (عبد القادر حيبوني) الجديد «ندير الكوراج» (سأتشجّع)، دخل قاعة «الأطلس» العريقة التي احتضنت مطلع الشهر الماضي أوّل حفلة لمغني راي منذ إعادة افتتاحها في عام 2007. بعدما أحيا حفلات عديدة بين فرنسا والمغرب خلال الصيف الماضي في مناسبة مشاركته في ألبوم «راي. أن. بي فيفر 4»، عاد الجابوني إلى الجمهور الجزائري بألبوم لم يحمل اختلافاً عن ألبوماته السابقة، من ناحية التركيز على المواضيع العاطفية، وإيقاعات الـ«دي. دجاي.».
وتضمَّن العمل الجديد تسع أغنيات منها «يوماً بعد الآخر»، «ما يهمنيش» و«أنت حبي الأول» وهو دويتو مع فلّة عبابسة. عانى كادير الجابوني (34 سنة) خلال السنوات الماضية من الرقابة، كغيره من مغني الراي. لكنّه صار يحقّق حالياً حضوراً مميزاً على الساحة الفنية الجزائرية، والمغاربية. وصار مغنّي الراي يمثّل رقماً مهماً في حفلات مهرجاني الراي السنويين في سيدي بلعباس الجزائرية ووجدة المغربية. كأنّه تصالح مع الجهات الرسمية المسيّرة للقطاع الثقافي، وهو ما عجزت عنه حتّى الآن الشابة جنات والشابة دليلة. أطلقت المغنيتان على التوالي أخيراً ألبومي «ما نبغيش» (لا أريد) و«نسأل فيك» (لي نصيب منك). يجمع بين جنات ودليلة جرأتهما في الغناء، وتطرّقهما إلى مواضيع لا تحظى بالقبول في الأوساط المحافظة. ولا تجد المغنيّتان غالباً مكاناً لملاقاة جمهورهما إلا في الملاهي الليلية. ستحيي جنات منتصف آذار (مارس) المقبل حفلة في باريس لمناسبة صدور ألبومها هناك، بدعوة من جمعيّة جزائرية. وتقارب جنّات مواضيع الخيانة، ومحرمات العلاقات الجنسية، في أغانٍ مثل «ما كليتو ما خليتونا ناكلو» (لم تأكلوا ولم تتركونا نأكل)، و«يعشق فيّ» (يعشقني) التي غنتها في دويتو مع الشاب هواري منار.
من جهته، عاد الشاب عقيل المعروف بأغنياته العاطفية بألبوم مقتبس من حفلة له في وهران، صدر عن شركة AVM بعد فسخ العقد الذي ربطه مع شركة «دنيا» بعنوان «ديرو لها العقل»(2010). وفي سابقة لاقت الكثير من ردود الفعل المتباينة، خرجت أخيراً الشابة خيرة عن صمتها، وغنت في ملهى «الجوهرة» في وهران من دون حجاب. محبو صاحبة «يالعدو» تداولوا خلال الأسابيع الماضية صورها على مواقع الإنترنت، في محاولة لتكذيب ما أشيع عن نيّتها الاعتزال و... «التوبة». جاء ذلك رداً على تصريحات المغني جلول الذي انتقل، قبل خمس سنوات، من غناء الراي إلى الأناشيد الدينية، وكان قد صرّح في وقت سابق بأنّه أقنعها بالتوقف عن الغناء. وبحسب مقرّبين من الشابة خيرة، لا تنوي المغنية في الوقت الراهن إطلاق ألبوم جديد، وستكتفي بدويتو سيجمعها الصيف المقبل مع المغني هواري الدوفان.
يحاول مغنو الراي الجدد في الجزائر الحفاظ على شعبيتهم من خلال مقاربة هموم المجتمع العادية، بعيداً عن السياسة وتبعاتها. هم يرفضون الخوض مثلاً في التغيرات والتقلبات المهمة التي تشهدها الجارتان تونس وليبيا، وليس غنائياً أو كلامياً فحسب، بل حتى على مستوى التصريحات الصحافية... فهم يمتنعون عن إبداء آرائهم، سواء كانت سلبية أو إيجابية. نسوا أنّ موسيقى الراي برزت مطلع الثمانينيات في خضم حركات الاحتجاج الشبابية على تفشي الفساد والظلم والاستبداد وهيمنة الجيل القديم من قادة حرب التحرير على الحياة السياسية والاقتصادية، ما أفضى الى انتفاضة اكتوبر ١٩٨٨ التي أطاحت حكم الحزب الواحد في البلاد.