الرباط | ظل معظمهم في أبراجهم العاجية، فيما قرّر الشباب الخروج من عتمة العوالم الافتراضية إلى الميدان ليعبروا عن آمالهم وآلامهم وأحلامهم بوطن جديد حيث الديموقراطية والعدالة والكرامة. مع استثناءات قليلة، عجز المثقفون والكتّاب المغاربة عن التفاعل مع حراك الشارع مفضّلين موقف المتفرج اللهم باستثناء فناني الراب.
القاص والناشط شكيب أريج يقول لـ«الأخبار» إنّ «كل التعريفات التي قدّمها مفكرون كبار من أمثال غرامشي وإدوارد سعيد في مقاربتهم لصورة المثقف لا تنطبق على المثقف المغربي. أجد أنّ المثقفين ركنوا إلى تدبيج القصائد والقصص البعيدة عن الواقع». لكن الروائي المغربي مصطفى لغثيري الذي انخرط في تظاهرات «حركة 20 فبراير»، يختلف مع طرح شكيب. هو يعتبر أنّه لا يمكن الحديث عن المثقفين كفئة متجانسة «هناك المثقف الذي ارتمى في أحضان السلطة، وهناك المثقف الذي لا يهتم بالأمور التي تخرج عن اختصاصه». ويربط لغثيري في اتصال مع «الأخبار» الأمر بالتحولات السياسية التي شهدها المغرب في التسعينيات: «شهد البلد تحولات عميقة منذ مرحلة التناوب التوافقي الذي أدى إلى اندماج جزء كبير من اليسار ومثقفيه في منظومة الحكم». وتابع: «للأسف لم نسمع أصوات رموزنا الثقافية، لكنني أعتقد أن قلوبهم مع «20 فبراير» لأنّني لا أتصور المثقف إلا في الخطوط الأمامية للنضال من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان والتوزيع العادل للثروات. لكن هذا النضال قد يتخذ أشكالاً مختلفة، ليست بالضرورة النزول إلى الشارع». أما الشاعر الزميل طه عدنان الذي انخرط في حراك «20 فبراير». فقال إنّه خرج كمواطن مغربي يتوق إلى التغيير. لكنه يتفهّم عدم اصطفاف المثقف المستقل ضمن حركة جماهيرية شعبية: «موقف المثقف المستقل يجب أن يظّل نقدياً حيال السلطة والحركات الاحتجاجية أيضاً. فكما يأخذ على السلطة إقصاءها للثقافة في صياغة توجهاتها الكبرى، عليه أن يطالب حركات الاحتجاج بتأسيس مشروعها التغييري على مرتكزات ثقافية، لأنها بذلك تنأى بذاتها عن الانجرار وراء الخطابات الشعبوية المتطرفة التي لا تفتح أيّ أفق جدّي صوب المستقبل».
النتاجات الأدبية التي تواكب الحراك الذي دخل سنته الأولى غائبة تماماً. يتساءل الصحافي يونس إمغران «أين مساهمة القصة القصيرة في قراءة هذا الواقع؟ وأين الحلول التي صاغتها الرواية لسؤال التخلف والاستبداد والحكم الفردي؟» مع ذلك، يعترف شكيب أريج «عجز الحراك عن خلق جناح ثقافي. استمرار «20 فبراير» في معارضتها بتظاهرات وشعارات سيفرغها من محتواها ويوصلها إلى طريق مسدود. لذا، فإيجاد العمق الثقافي يرقى بالحراك الشبابي المغربي».